الحكم بسجن وزير السياحة السابق 5 سنوات .. وتجديد حبس مبارك للمرة الثالثة
مصر: اعتقال «العقل المدبر» لمواجهات إمبابة الطائفية
قرر النائب العام المصري أمس تجديد حبس الرئيس المصري السابق حسني مبارك
15 يوما احتياطيا للمرة الثالثة ''تمهيدا'' لاتخاذ قرار بمحاكمته أو حفظ
التحقيقات معه فيما أعلنت رئاسة الوزراء القبض على ''العقل المدبر''
للمواجهات الطائفية الدامية التي أوقعت 12 قتيلا وأكثر من 200 جريح السبت
في حي إمبابة الشعبي. وقال المتحدث باسم النيابة العامة المصرية في بيان
نشر على صفحتها على موقع فيسبوك: إن النائب العام المصري عبد المجيد محمود
''أمر بحبس الرئيس السابق احتياطيا لمدة 15 يوما تبدأ من نهاية حبسه
السابق'' في الـ 12 من الشهر الجاري ''تمهيدا للتصرف في القضية''.
وأكد المتحدث، أن ''محققين من مكتب النائب العام عبد المجيد محمود
انتقلوا صباح اليوم (أمس) إلى مستشفى شرم الشيخ لاستكمال استجواب'' الرئيس
السابق في حضور محاميه في بعض الاتهامات المتوافرة في الأوراق وانتهت إلى
تجديد حبسه للمرة الثانية.
وقال مصدر في مكتب النائب العام المصري: إن الأخير ''سيعلن خلال الأيام
المقبلة التصرف النهائي في التحقيقات مع مبارك'' وهو ما يعني الإعلان عن
إحالة الرئيس السابق للمحاكمة أو حفظ التحقيقات. وكان النائب العام قرر حبس
مبارك احتياطيا في 13 نيسان (أبريل) الماضي لمدة 15 يوما، ثم جدد في الـ
28 من الشهر نفسه حبسه لفترة مماثلة. وقرر النائب العام، لأسباب صحية،
إبقاء مبارك تحت الحراسة في مستشفى شرم الشيخ الدولي، حيث نقل قبل يوم واحد
من قرار حبسه.
من جهة أخرى، بدأت قبل أسابيع عدة محاكمة عدد من كبار مسؤولي نظام
مبارك. وأصدرت محكمة جنايات الجيزة أمس حكما بالسجن خمس سنوات على وزير
السياحة السابق زهير جرانة بعد أن دانته بتسهيل الاستيلاء على المال العام.
وكانت المحكمة نفسها أصدرت الخميس الماضي حكما بحبس وزير الداخلية السابق حبيب العادلي 12 عاما بعد إدانته كذلك في قضية فساد مالي.
وفيما قالت الصحف المصرية: إن لدى القوات المسلحة معلومات تثبت أن رموزا
من الحزب الوطني الذي كان يحكم في عهد مبارك أعدت مخططا لإشعال نزاع طائفي
واسع النطاق في مصر، أعلن مجلس الوزراء، في بيان مقتضب على صفحته على
فيسبوك، أن ''وزارة الداخلية ألقت القبض على العقل المدبر الذي خلق شرارة
التصادم بين المسلمين والمسيحيين في إمبابة''. ولم يكشف البيان هوية المتهم
بإشعال هذه الصدامات.
وأضاف مجلس الوزراء أن ''14 آخرين ممن شاركوا في أحداث الفتنة المؤسفة
تم توقيفهم كذلك''، إضافة إلى 190 شخصا سبق إلقاء القبض عليهم وإحالتهم
للنيابة العسكرية.
وقالت صحيفة المصري اليوم المستقلة أمس الأول نقلا عن ''مصدر عسكري'' إن
''القوات المسلحة توصلت إلى معلومات مؤكدة تفيد بتخطيط رموز الحزب الوطني
المنحل لإدخال مصر في حرب أهلية''.
ويواجه العسكريون في مصر معضلة نتيجة توجه أكثر جرأة يتبناه إسلاميون في
حقبة ما بعد الرئيس السابق حسني مبارك؛ مما أدى إلى تفاقم التوترات
الطائفية ومطالبات بحملات على غرار تلك التي قوضت شعبية الرئيس السابق،
وتعتبر المصادمات الأخيرة أول اختبار حقيقي للمجلس العسكري الأعلى الحاكم.
وقال المحلل السياسي ايساندر العمراني ''يمثل تساهل الدول مشكلة في
الوقت الحالي''، وتوقع أن تتبنى حكومة تسيير الأعمال موقفا صارما مع جماعات
سلفية محافظة وغيرها من المحرضين على الكراهية الدينية.
ومضى قائلا ''لن تلقى قبولا بين قطاع من المواطنين، لكن الحكومة تضطر للقيام بأمور غير مقبولة شعبيا أحيانا''.
وشهدت مصر، التي تعتمد على صورتها كدولة مستقرة لاجتذاب ملايين من
السائحين، زيادة مطردة في أعمال العنف بين مسلمين ومسيحيين، رغم توقفها
خلال الانتفاضة.
ودان كثيرون من المسلمين الاشتباكات التي وقعت في مطلع الأسبوع في
إمبابة والتي بدأت باحتشاد مجموعة من السلفيين لتفتيش كنيسة للاشتباه في
احتجاز امرأة أشهرت إسلامها بداخلها رغما عن إرادتها.
وقالت امرأة محجبة في الأربعينات من عمرها لصديقتها في وسط القاهرة يوم
الأحد ''لماذا نشتت أنفسنا بمثل هذه الحماقة.. ينبغي أن نكرس جهدنا لبناء
البلاد وليس الاحتجاج والاقتتال''.
وقال مصطفي السيد، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة ''أعتقد أن مثل هذا التوجه يشجع المتطرفين على تصعيد هجماتهم''.
ورغم قمع حكومة مبارك للإسلاميين اتهمت جماعات حقوقية مسؤوليه بالفشل في
معالجة العنف الطائفي بشكل مباشر باحتجاز مرتكبي حوادث العنف أو معاقبة
المحرضين عليها. وعزت الجماعات الحقوقية هذا الموقف الحذر للخوف من إثارة
ضغينة الإسلاميين ضد الدولة بصورة أكبر. ويوم الأحد تعهدت حكومة تسيير
الأعمال بتشديد القوانين التي تجرم مهاجمة دور العبادة، لكن محللين قالوا
إن هذه الإجراءات محل ترحيب، لكنها غير كافية. وقال السيد ''ثمة قرار
بالتعامل بشكل صارم مع انتهاك القانون، لكن لا توجد رؤية واضحة لما يجب
عمله لتفادي تكرار مثل هذه الأعمال.
وذكر شهود في موقع الاشتباكات التي وقعت يوم السبت أن الجيش شكل طوقا
حول الكنيسة التي استهدفها السلفيون حين بدأ إطلاق النار، لكنه فشل في
التدخل حين هاجم المحتشدون مقهى ومخبزا يملكهما مسيحي.
وأضرمت النار في كنيسة أخرى في أعمال العنف التي أسفرت عن سقوط أكثر من 238 مصابا.
وقال العمراني ''تبرز جميع هذه الأحداث حاجة حقيقية إلى عودة الشرطة
للشارع. لا يملك الجيش مهارات العمل الشرطي. جزء من الفراغ الأمني منذ
الثورة يتمثل في غياب إشارات الإنذار المبكر''.
وفي الأسبوع الماضي أقام سلفيون ''صلاة الغائب'' في مسجد النور في حي
العباسية في القاهرة على روح أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة الذي قتلته
قوات أمريكية خاصة في مخبأه في باكستان في الثاني من مايو (أيار).
وهرع عشرات من أفراد الشرطة العسكرية لوقف الصلاة في المسجد وهو رمز
لمساعي السلفيين لبسط نفوذهم، لكنهم وقفوا بلا حول ولا قوة فيما أقيمت
الصلاة تحت لافتة تحمل صورة بن لادن.
وعلى مدار أسابيع منع سلفيون أمام المسجد الذي تعينه الحكومة من اعتلاء المنبر لإلقاء خطبة الجمعة.
وربما يهدف تعامل الجيش المتساهل مع السلفيين حتى الآن تفادي مواجهات
دينية في ظل التوازن الاجتماعي الهش في مصر. ويقول محللون إن عيوب هذا
الأسلوب ظهرت في إمبابة في مطلع الأسبوع.
وقال السيد ''في هذه الحالة استغلت حرية التعبير لإشاعة الكراهية ضد
المسيحيين. هذه ليست روح حرية التعبير، لكن لا أعتقد أن ذلك خطر على أذهان
أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم''.