الفرق بين القضاء والقدر
بقلم الشيخ إبراهيم الرحيلي
تعريف القضاء والقدر:
القضاء في اللغة: القطع والفصل، يقال : قضى يقضي قضاء، فهو قاض إذا حكم وفصل. وقضاء الشيء : إحكامه وإمضاوه والفراغ منه
قال ابن فارس: "القاف والضاد والحرف المعتل ، أصل صحيح ،يدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذ جهته"
وقال الزهري: "القضاء في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه ،وكل ما أحكم عمله أو أتم أو ختم أو أدي أو أوجب، أو أعلم أو أنفذ أو أمضي فقد قضي.
وقال الراغب الأصفهاني:"القضاء:فصل الأمر،قولا كان ذلك أو فعلا وكل واحد منهما على وجهين: إلهي وبشري
فمن قول الله تعالى : (وَقضََى رَبُكَ ألاّ تَعْبُدُواْ إلآَّ إيَّاهُ ) أي أمر بذلك.
ومن فعل الله تعالى: (والله يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقضون بشىء)
[قال ابن كثير في معناه: "والله يحكم بالعدل"]
ومن القول البشري نحو :قضى الحاكم بكذا ؛فإن حكم الحاكم يكون بالقول.
والقدر في الشرع هو :ما قدره الله في الأزل أن يكون ،بناء على علمه السابق بالأشياء قبل كونها ، وكتابته لها قبل خلقها.
والقضاء في الشرع هو: ما قضى به في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير.
والقضاء والْقدر بينهما تلازمٌ، ويدخل أحدهما في معنى الآخر في بعض المواطن.
يقول ابن الأثير :"والقضاء والقدر متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما بٍمنزلة الأساس وهو القدر ،والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء؛ فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقيضه"
ويقول الشيخ العثيمين- رحمه الله تعالى- :" والقضاء والقدر متباينان إن اجتمعا ، ومترادفان إن افترقا، على حد قول العلماء هما كلمتان: إن اجتمعتا افترقتا ،وإن افترقتا اجتمعتا .
فإذا قيل :هذا قدر الله فهو شامل للقضاء أما إما إذا ذكرا جميعا فلكل واحد منهما معنى .
فالتقدير:هو ما قدره الله تعالى في الأزل أن يكون في خلقه.
وأما القضاء: فهو ما قضى الله به سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير.
وقد اختلف في القضاء والقدر أيهما أسبق والذي عليه المحققون من أهل العلم أن القدر سابق للقضاء وبه قال أبو حاتم الرازي ونصره بعض العلماء المعاصرين .
قال الشيخ محمد أمان رحمه الله:"والقضاء والقدر بمنزلة الثوب الذي يقدره الخياط فهو قبل أن يفصله يقدره ويزيد ويوسع ويضيق وإذا فصله فقد قضاه ولا يمكنه أن يزيد أو ينقص.وذلك مثل القضاء والقدر.
والله أعلم
المصدر: المختصر في عقيدة أهل السنة في القدر.
وهذا تعليق لشيخنا صالح آل الشيخ على الموضوع نفسه:
السلام عليكم و رحمة الله...
أكمل هذه الفوائد من شرح الشيخ صالح آل الشيخ على أصول الإيمان, و جعلت كل واحدة منها في مشاركة
حتى يختار القاريء ما يريده دون تقيد له بقراءة كل ما اخترت
(هل هناك فرق بين القدر و القضاء؟)
قال الشيخ:
((ولهذا فرَّق طائفة من أهل العلم بين القضاء والقدر فقالوا : القدر والقضاء يختلفان في المرتبتين الحاليتين ،
وبعضهم قال : القدر هو القضاء لأن المرتبتين : مرتبة عموم الخلق والمشيئة هذه من القدر وهي القضاء .
من أهل العلم قالوا : القدر والقضاء بمعنى واحد ، لأن القضاء من القدر والإيمان بالقدر بأربع مراتب ،
ومرتبتان هما القدر .
وقال آخرون : يُفَرَّق إذا ذكر القضاء والقدر بين القضاء والقدر بأن القضاء هو : ما وقع وقُضِي من القدر ،
والقدر أعم يشمل ما قُضي وما لم يُقض .
فالقضاء هو : ما قُضِي وانتهى من القدر ، وهذا أولى وهو المتجه بدلالة اللفظ وبدلالة الكتاب والسنة ، قال
سبحانه : ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)(طـه: من الآية72) وقال جل وعلا : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى
مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْض)(سـبأ: من الآية14) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقضي الله لعبده قضاءً إلا كان خيراً له ) .ا.هــ كلامه
قلت: فعلى هذا فدعاء الداعي ((اللهم لا أسألك رد القضاء و لكن أسألك اللطف فيه)) خطأ على هذا المذهب
لأنه يدعو الله بتغير شيء قد وقع و هذا من الإعتداء في الدعاء و الجهل, و إن كان على المذهب الآخر فهو
أيضا خطأ كما ذكر الشيخ بن باز رحمه الله إن لم أكن مخطيء لأن المشروع لنا أن نسأل الله أن يرد ما نظنه
ضرراً علينا و ليس التخفيف فقط و أنقل كلام الشيخ العثيمين رحمه الله في الشرح القيم الممتع (شرح
السفارينية) حيث قال رحمه الله و أسكنه فسيح جناته:
((ولهذا نرى من الجهل : أنْ يقول بعض الناس في دعائه : ( اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك
فيه ) ، كأنه يقول : ابتلني بما شئت ما يهم ولكن ألطف بي ، سبحان الله !!! ، من قال هذا الدعاء ؟ من أين جاء هذا الدعاء ؟ ،
هذا الدعاء لا يصح نقلاً عن السلف ، وإنْ صح عن بعضهم ، فلا يمكن أنْ يصح عن الصحابة الذين أقوالهم
مأثورة مشهورة ، قل : اللهم إني أسألك اللطف في قضائك ، صح ،
أما ( لا أسألك رد القضاء ) الله عز وجل ما يقضي شئ سواءً لَطَفَ بك أو شدد عليك إلا وهو قد قضاه ، لذلك
ينبغي أنْ ننبه من يقول هذا الدعاء ، نقول : تعال يا أخي ، الدعاء ما الفائدة منه ؟
إذا قلت : ( اللهم قني عذابك ) معناه أنك تريد ألا يعذبك الله ، تريد أن تقول : يا ربي إنْ كنت مقدِّراً عذابي ،
فالطف بي في العذاب ، هذا معنى الجملة الدعائية هذه : ( إني لا أسألك رد القضاء ) يعني معناه إذا كنت
قَدَّرْتَ شقائي فاجعلني شقياً لكن هَوِّنْ قليلاً ، على كل حال بعض الناس إذا رأوا الكلام كما يقولون : حلو ،
تركيبه طيب أخذوا به ولا يعلمون معناه ، وهذا من الغفلة ، فالواجب أنْ نتأنى في كل ما نسمع حتى نزنـه بميزان الكتاب والسنة ،
منقول
نفعنا الله واياكم بالعلم النافع