ورفعناه مكانا عليا
===== المقارنة بين المفسرين ======
سورة مريم
وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا ﴿٥٧﴾ - مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا ۚ إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَـٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ۩ ﴿٥٨﴾
====== تفسير الجلالين =======
«ورفعناه مكانا عليا» هو حي في السماء الرابعة أو السادسة أو السابعة أو في الجنة أدخلها بعد أن أذيق الموت وأحيي ولم يخرج منها. (٥٧) «أولئك» مبتدأ «الذين أنعم الله عليهم» صفة له «من النبيين» بيان له وهو في معنى الصفة وما بعده إلى جملة الشرط صفة للنبيين فقوله «من ذرية آدم» أي إدريس «وممن حملنا مع نوح» في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام «ومن ذرية إبراهيم» أي إسماعيل وإسحاق ويعقوب «و» من ذرية «إسرائيل» هو يعقوب أي موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى «وممن هدينا واجتبينا» أي من جملتهم وخبر أولئك «إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا» جمع ساجد وباك أي فكونوا مثلهم وأصل بكي بكوي قبلت الواو ياء والضمة كسرة. (٥٨)
===== تفسير الميسر ======
ورفَعْنا ذِكْره في العالمين، ومنزلته بين المقربين، فكان عالي الذكر، عالي المنزلة. (٥٧) هؤلاء الذين قصصتُ عليك خبرهم أيها الرسول، هم الذين أنعم الله عليهم بفضله وتوفيقه، فجعلهم أنبياء من ذرية آدم، ومِن ذرية مَن حملنا مع نوح في السفينة، ومن ذرية إبراهيم، ومن ذرية يعقوب، وممَّن هدينا للإيمان واصطفينا للرسالة والنبُوَّة، إذا تتلى عليهم آيات الرحمن المتضمنة لتوحيده وحججه خرُّوا ساجدين لله خضوعًا، واستكانة، وبكَوْا من خشيته سبحانه وتعالى. (٥٨
===== الملاحظات ======
نلاحظ تباين التفسير بين المفسرين كما اسلفنا إذا كان التفسير خاضع للإجتهاد ، فالجلالين يقول : ( «ورفعناه مكانا عليا» هو حي في السماء الرابعة أو السادسة أو السابعة أو في الجنة أدخلها بعد أن أذيق الموت وأحيي ولم يخرج منها. ) مما يعني مجرد تخمين قابل للنقد ، لأن التوسع بالتخمين يشتت ذهن القارىء ويجعله في حيرة ، وإثبات أنه حي في الجنة إشكالية منطقية يحتج عليها البعض بدعوى أن هذا الكلام مجرد إجتهاد ، ويصعب الخوض في الجدليات ورأي بقية المفسرين فهي كثيرة يصعب التحقق من صواب كلام هذا وذاك ، لكن لنرى تفسير الميسر : ( ورفَعْنا ذِكْره في العالمين، ومنزلته بين المقربين، فكان عالي الذكر، عالي المنزلة ) فكيف نوفق بين هذين التفسيرين ؟
فالميسر يقول : بين العالمين ومنزلته بين المقربين ، وطبعا احتمال كلمة المقربين هو المقربين من الله ، لكن هذا يمكن تفسيره بتفسير المقربين من ادريس ، لكنه احتمال ضعيف ، لكن لماذا لم يبين منهم المقربين حتى يزول الإشكال ، لأن التفاسير يقرأها الجميع والكثيرون يشكل عليهم استيعاب الكلام بشكل صحيح فليس الجميع يفهم في اللغة بشكل جيد ، كذلك ممن حملنا مع نوح ، فالجلالين يقول : ( «وممن حملنا مع نوح» في السفينة أي إبراهيم ابن ابنه سام ) لا حظ أنه يقول : أي إبراهيم ابن ابنه سام ، بينما الواو ليست للترتيب بل للإضافة ل- أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم ، فهؤلاء من المنعم عليهم ، وطبعا هناك من يختلف مع هذا القول وخصوصا علماء النحو لكن الميسر يقول : ( ومِن ذرية مَن حملنا مع نوح في السفينة ) وهذا قول مختلف عما ذكرنا وهو بيان من كانوا مع نوح على السفينة من ذرية من ذكرنا من الأنبياء ، وطبعا تبقى الإجتهادات هي اصعب انواع التفاسير ولو أوردنا تفاسير الآخرين لزاد الإشكال والحيرة بسبب تشعب التفاسير وكثرة الإجتهادات .
والله ورسوله اعلم
=== كلام على الهامش ===
عندما يأتي شخصا ما ، ليدلي بدلوه في مسئلة جدلية حتى لو كان على معرفة كبيرة جدا فإن المتطوعين لتفنيد كلامه لايعدون ولا يحصون ، وفي نهاية الأمر يصبح ذلك الشخص مرجعا وحجة لأنه سيجد من يناصره ثم يكون له تابعيه ومؤيديه ومن ينشر أقواله بغض النظر كان مصيبا او مخطئا ، ومن هذا المنطلق نجد أن كثرة المجتهدين جعلت التفاسير مطاطة لاتنتهي فيكثر التحريف والزيادة والجرح والتعديل بعضهم لبعض ، فلماذا هذا ؟ .. هل ونحن في عصر إنتشار القلم عاجزون عن لجم الكثير من هؤلاء وحصر التفسير بفئة منتخبة يتفق عليها على مستوى الحكومات ويعتبر كل ماهو خارج قول هؤلاء لاقيمة له ولايعتد به ، فهل نحن عاجزون حقا ؟