العقاب البدني للأطفال
الضرب، الصفع، الركل، الحروق، غالبا ما يري بعض الآباء أن العقاب البدني وسيلة طبيعية للتربية والتعليم
ويعتبرون أن هذا دائما حق بل واجب، وأولئك الذين لا يضربون أطفالهم ينظر إليهم أطفالهم كآباء ضعفاء يؤدي تعليمهم اللين بذريتهم إلي مكان مظلم
“لا يزال الآباء والأمهات في كثير من البلدان يعتبرون أنه من الطبيعي أن يفرضوا على أبنائهم العقاب البدني والذي يتجاوز في عنفه أحيانا تلك الضربات الردفية البسيطة”. ولازال العقاب البدني منتشراً في مصر والهند وحتى في الولايات المتحدة، ووفقا لمسح أجري في ذلك البلد الأخير في عام 1995، 5 % من الآباء قالوا إنهم يعاقبون أطفالهم بطريقة عنيفة، وهذا يعني الضرب بواسطة أداة، الركل، بل والتهديد بسكين أو مسدس
إليك عشرة أسباب لعدم ضرب طفلك:
1- ضرب الأطفال يعلمهم الضرب..
العديد من الدراسات التي أصبحت الآن متاحة تدعم النظرية التي تقول إن هناك علاقة مباشرة بين العقاب البدني في مرحلة الطفولة والسلوك العدواني أو العنيف في سن المراهقة أو النضوج. فهناك عدة مخاطر جنائية تصدر من ذلك الشخص الذي كان يتعرض بانتظام للضرب والتهديد عندما كان طفلا.
ومن المعروف أن الأطفال يتعلمون المواقف والسلوكيات من خلال الملاحظة والتقليد من أفعال آبائهم سواء للأفضل أو للأسوأ، وبالتالي فإن المسئولية تقع علي عاتق الآباء ليكونوا مثالا للتعاطف والحكمة.
2. في كثير من الحالات التي نسميها بـ “السلوك السيئ”:
الطفل لا يستجيب إلا بالطريقة الوحيدة التي يتقنها اعتمادا على السن والخبرة، ليشير إلى احتياجاته الأساسية التي لم يتم تلبيتها، من بين متطلباته
وهي:
النوم والطعام المناسب، العلاج من الحساسية الخفية أحيانا، والهواء النقي، وممارسة ما يكفي من الحرية لاستكشاف العالم من حوله. في مجتمعنا الذي يتسم بالضغط، قليل من الأطفال يتلقون ما يكفي من الوقت والاهتمام من والديهم الذين غالبا ما يكونان مشتتين للغاية من المشاكل الخاصة بهما للتعامل مع أطفالهما بالصبر والتعاطف
فمن الخطأ بالتأكيد وغير العدل معاقبة الطفل لأنه يتفاعل بالطريق الطبيعي أمام الشعور بالحاجة الشديدة التي يتم إهمالها. لهذا السبب العقاب ليس فقط غير فعال على المدى الطويل، بل إنه غير عادل.
3. العقوبة تمنع الطفل من أن يتعلم حل النزاع على نحو فعال وحساس:
كما يقول “مرب جون هولت” :
عندما نفزع الطفل، فإننا نمنعه من أن يتعلم بنقاء”. فعندما نضرب الطفل، فإننا نركز على إحساس الغضب وأوهام الانتقام لديه، وبالتالي يحرم من فرصة تعلم طرق أكثر فعالية لحل المشكلة التي يواجهها.
هكذا الطفل الذي يتعرض للضرب قليلا ما يتعلم الاستجابة لحالات مماثلة بالطريقة المرجوة أو كيفية تجنب هذه المواقف في المستقبل علي النحو صحيح .
4. على الرغم من أن جميع الكتب السماوية تنص علي مبدأ الثواب والعقاب:
إلا أن العقاب لا ينبغي بالضروررة أن يكون بدنيا، فلقد شددت الرسالات السماوية كلها علي الرحمة ونبذت العنف ودعت إلي اللين في القول والدعوة إلي الصراط السوي باللطف والموعظة الحسنة
وقد أوصي الرسول صلي الله عليه وسلم بالرحمة مع الصغار وقال في حديثه الشريف :
“ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا”
وقال أيضا: ” إن اللين لا يوضع في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه”
وقال أيضا: ” من لا يرحم لايُرحم”
لذا ينبغي أن نستوصي بأولادنا خيرا وألا نقسو عليهم حتي لا نغرس فيهم القسوة فنذوق من وبالها عندما يكبرون. وإن دعت الحاجة إلي العقاب فعلينا أن نتدرج في شدة العقاب انطلاقا من النظرة ثم الكلمة ثم منع شيء محبوب إلي الطفل حتي وإن وصلت الحاجة إلي الضرب فينبغي ألا يكون مبرحا
فقد أمر الرسول بالضرب علي الصلاة من عشر ولكن أوصي بالنصيحة لها من سبع وبالطبع ألا يكون ضربا مبرحا.
5. تتداخل العقوبات في العلاقة بين الأباء والطفل:
لأنه ليس في الطبيعة البشرية أن نشعر بالمحبة تجاه شخص يؤذينا، ولا يمكن للروح الحقيقية للتعاون التي يطمح إليها الآباء أن تنمو إلا من خلال علاقة قوية للغاية وقائمة على المشاعر المتبادلة من الحب والاحترام.
والعقاب حتى إن كان يبدو فعالا، يمكن أن ينتج فقط سلوكاً حسنا ظاهريا لأنه ينبع من الخوف، والذي لا يمكن أن يحدث إلا عندما يكون الطفل كبيرا بما يكفي ليقاوم. وعلي النقيض، فالتعاون القائم على الاحترام سينشئ الفوائد، وسوف ينتج عنه العديد من سنوات السعادة المتبادلة يعيشها الطفل مع والديه.
باء لم يتعلموا خلال طفولتهم أن هناك طرقا إيجابية لبناء علاقة مع الأطفال:
فعندما لا تحقق العقوبة أهدافها ولم يجد الوالد لها بديلا، فهناك مخاطر تصعيد للعقاب واتخاذ المزيد من الإجراءات المتكررة والخطيرة ضد الأطفال .
7. عندما لايستطيع الأطفال أن يعبروا عن الغضب أو الإحباط دون خوف:
يظل ذلك الغضب بداخله، وبالتالي لا ينشأ الغضب لدي المراهق من فراغ . ويمكن للغضب الذي تراكم على مر السنين أن يسبب صدمة للوالدين الذين يشعر طفلهما أنه الآن أصبح أقوي بما فيه الكفاية ليعبر عن غضبه.
والعقوبة يمكنها أن تحقق “حسن السلوك” في السنوات الأولى، لكن سيكون لها دائما ثمنا باهظا يتكبده الآباء والمجتمع ككل عندما يبلغ الطفل سن المراهقة والبلوغ.
8. الضرب على الأرداف وهي منطقة مثيرة للشهوة الجنسية للطفل :
يمكن أن تخلق في ذهنه علاقة بين الألم والمتعة الجنسية، الأمر الذي قد يخلق صعوبات بالنسبة له فى مرحلة البلوغ. وتشهد الإعلانات “عن أبحاث الضرب علي الأرداف” في المجلات المتخصصة عن العواقب المؤسفة لهذا الخلط بين الألم والسرور.
وإذا كان الطفل يتلقى القليل من الاهتمام من والديه، إلا عندما يتلقي الضرب، فإنه قد تخلط لديه أيضا المفاهيم بين الألم والسرور، وهذا الطفل الصغير سيكون قليل الثقة في نفسه وسيعتقد أنه لا يستحق شيئا أفضل. حتى الضرب المعتدل نسبيا علي الأرداف يمكن أن يكون له مخاطر جسدية، والضربات التي تلحق النهاية السفلى من العمود الفقري ترسل موجات الصدمة على طول العمود ويمكن أن تصيب الطفل.
ويجوز لأكثرية آلام الكلى عند البالغين في مجتمعنا أن تسبب الشلل، وكذلك الضرب علي الأرداف يسبب تلف الأعصاب بل ويتوفي البعض نتيجة لضربات معتلة علي الردف وذلك بسبب المضاعفات الطبية التي لم يتم تشخيصها.
9. العقوبة البدنية ترسل رسالة خطيرة وخاطئة في آن واحد وهي :
أن “القوة تصنع القانون”، وأنه من المقبول أن نضرب شخصاً ما طالما أنه أصغر وأضعف منا، ومن ثم يخلص الطفل أنه من الممكن أن يعتدي علي الأطفال الأصغر سنا أو الأصغر حجما
وعندما يصبح راشدا، قليلا ما يشعر بالرحمة لأولئك الذين هم أقل حظا من نفسه ويخاف ممن هم أكثر قوة، لذلك سوف يعيقه ذلك من إقامة علاقات ذات مغزى والتي لا غنى عنها من أجل حياة ثرية بقيم العواطف.
10. لأن الأطفال يتعلمون من خلال النماذج التي يمثلها والديهم:
فالعقاب البدني يرسل رسالة مفادها أن الضرب هو وسيلة مناسبة للتعبير عن المشاعر وحل المشكلات. وإذا لم يري الطفل والديه يحلان المشاكل بطريقة خلاقة وحساسة، قد يكون من الصعب أن يتعلم كيفية فعل ذلك بنفسه
لهذا السبب، سوف يكرر كثيرا هذا النموذج الغير الكفء للأبوة والأمومة مع الجيل القادم. والخلاصة أن التعليم اللين الذي يدعم بأساس متين من الحب والاحترام هو السبيل الحقيقي الوحيد للحصول على سلوك يستحق الثناء على أساس القيم الشخصية القوية، بدلا من السلوك “الجيد” ظاهريا والذي ينبع من الخوف فقط .
،