ميزان التعامل مع الخلق
الدنيا وصلتها بنظرتنا للخلق
كلما ضعفت الدنيا في قلبك ضعف أثر الدنيا على قلبك كلما
استطعت أن تنظر إلى الناس بعين نظيفة وبرؤيا واضحة كما
يقولون، لكن كلما شوشت الدنيا على قلبك تشوشت الرؤية
عندك، صار يؤثر فيك النظر إلى الناس إما بانبهار بمن لديه نصيب
من السعة في الدنيا وفتح الله عليه بشيء من الرزق أو بغضب
منهم بحسد عليه، إما بانبهار وتملق.. فلان عنده كذا وفلان عمل
زواج بكذا وفلان اشترى كذا.. انبهار.. هذا مرض ما سببه؟
أن الدنيا كبيرة في قلبك ما خرجت، أو حسد، أعوذ بالله من هؤلاء
أهل الدنيا عندهم جشع ما يشبعون لهم الدنيا ولنا الآخرة.
.ضمنت لك الآخرة؟ ما هكذا حال أهل الآخرة وما هكذا ينظرون
ماهناك حل وسط؟ ما تستطيع أن تنظر للإنسان كإنسان؟
لا تستطيع أن تنظر إلى المؤمن كمؤمن؟ لابد أن تنظر إليه كدنيا؟
إذاً المشكلة عندك في النظر إلى الدنيا.
أو النظر إلى الفقير بعين الاحتقار، من على الباب؟ فلان
أوه فلان.. يتجهز!! من في الباب؟ فلان أووه أنا مشغول في وقت ثاني
هذا ثقيل دم، وذاك ما كان ثقيل دم؟! هذا جاء في وقت مزعج
وذاك جا في وقت مزعج لماذا ذاك لم يزعجك وهذا أزعجك؟
أو النظر إلى الفقير بعين التبجيل على أن الفقر معناه الصلاح
فلان هذا هو العالم الصحيح الزاهد الذي ما عنده شيء من الدنيا، في
من هؤلاء العلماء عندهم سيارات وبيوت.. لا لا تصدق فلان
هذا وزير محترم حتى شقة جديدة ما عنده!! نعم الذي يظه
ر عليه أثر الدنيا بدون مقدمات بمجرد أنه تحمل مسؤولية
من مسؤوليات الدنيا حـُكم أو وزارة حتى مسؤولية دينية لكن
لها دخل بالمال فجأة ظهر عليها المال لا شك محل ريبة
ينبغي أن يُحاسب وعلى ولي الأمر أن يُحاسبه ينبغي أن يُشعَر
بهذه الريبة، لكن لا تكون المسألة قاعدة عامة تـُطبق على كل الناس
فلا تنظر إلى الغني ولا إلى الفقير لا بعين الرضا ولا بعين الغضب
لا بعين الاحترام ولا بعين الاحتقار على أساس الغنى والفقر
لو فعلت ذلك فمعنى هذا: أن الدنيا فيك لا تزال المشكلة
عندك وليست عند الذي تتعامل معه، اتضحت هذه المسألة؟
عند أهل التدقيق في هذا المعنى، كنت وعدتكم أن أذكر قصة
في المجلس الماضي، شيخنا الشيخ محمد متولي الشعراوي
رحمة الله تعالى عليه من المعلوم أنه ممن ابتلوا بالظهور بالشهرة
والشهرة نوع من أنواع الدنيا.. الشهرة، الجاه، المال، محبة الناس
هذه كلها من ابتلاءات الدنيا إن أحسن الإنسان التعامل معها
كانت سبباً في ارتقائه بالقرب من الله وإن افتتن بها والعياذ بالله طاح ..
* قصة : شيخنا الشيخ الشعراوي من شهرته بالخير الذي
أكرمه الله به علماً وصلاحاً، يجتمع عليه أهل الدنيا يحبونه
ويترددون عليه ووجدوا فيه الهداية والدعوة إلى الله، فترة من الفترات
سُرقت شقته التي كان يسكن فيها في حي الحسين فجاء الخبر إلى
أحد أشياخي وبينه وبين شيخنا الشيخ الشعراوي رحمة الله تعالى عليه أخوة
فلما أُبلِغَ بعد الدرس من بعض الحاضرين أن الشيخ الشعراوي سُرق
من بيته ثلاثون ألف جنيه مصري تغير وجه الشيخ لما بلغه الخبر
شَعرت أن تغير وجه شيخنا لم يكن محصوراً على قضية أنه أوذي
الشيخ الشعراوي.. وهنا القصة، خرج الناس قال هات الهاتف جئت بالهاتف
أخرج الرقم واتصل بالشيخ الشعراوي: شيخ متولي قال:
أهلاً شيخ فلان كيف أنتم بخير؟ قال بلغنا أن شيء طرأ عليكم ودخل سارق
إلى بيتكم، قال نعم كان هناك ثلاثون أف جنيه أعطانيها التاجر الفلاني
من المحبين وقال لي إذا خرجت في نهاية الأسبوع إلى قريتكم دقدوس
قسمها على بعض الفقراء في قريتكم فجعلتها في الخزانة حتى يأتي آخر
الأسبوع لكن السارق جاء وأخذها فتهلل وجه شيخنا
تعجبت السرقة ثبتت ما تغير شيء لماذا تضايق في البداية؟
و إذا به يقول الحمد لله الذي
لم يخيب ظننا في أخينا ما كنت أظن أبداً أن ترضى على نفسك
أن تدخر من الدنيا ثلاثين ألف جنيهاً.. كيف يفكر هؤلاء القوم؟
لاشك التاجر له أن يدخر والإنسان له أن يدخر لكن الكلام هنا
عن النظرة، كيف ينظر الناس إلى المقاييس؟!..
مقاييس الفقد والوجد، الخسارة والربح، مفهوم الخسارة والربح
مفهوم التعامل مع المظهر والدنيا، ذكرت لكم في مجالس سابقة
أن شيخنا الشيخ محمد متولي الشعراوي رحمة الله تعالى عليه
بعض الأحيان يفتقدونه فيجدوه يغسل مراحيض المسجد
لما سأل عن ذلك قال خشيت على نفسي لما رأيت الوزراء
والتجار والكبار والصغار يحيطون بي خفت أن يكون لي
التفات إلى الدنيا.. الجاه، المكانة، لما دخلت إحدى القرى
أهل القرية حملوا السيارة بمن فيها، قال خفت على نفسي
من هذا الحال أن يحصل لقلبي التفات.. هذا الشأن من مراعاة
القلب هو مهمة المريد هو مقصود المريد في السير إلى الله عز وجل..
يترتب على الذي يعيش وعنده هذا الحس عنده هذا الانتباه أن معاملته
مع الناس تختلف، يُصبح مقياس تعامله مع الناس.. تذكرون
في المجلس الماضي قلنا أن الناس إما ينظر بعضهم إلى بعض
أن كل واحد منهم له حاجة يريد أن ينتزعها من الآخر، غابة
وهذا ما يعيشه أكثر الخلق اليوم، وإما أن ينظر بعضنا إلى بعض
على أن كل الناس الذين يحيطون بنا وسائل نرتقي بحسن
معاملتنا معها إلى من؟ إلى الله سبحانه وتعالى
إذا نظرنا بهذا المنظار الراقي وهو منظار المريد منظار المؤمن
الذي يريد الآخرة يريد رضوان الله سبحانه وتعالى إذا نظرنا بهذا
المنظار أصبحت المعاملة مع الناس مختلفة، كيف؟ أصبحت
صلتي بمن حولي لا تشوش علي فيها النظرة إلى الدنيا
انتهينا من الكلام هذا؟ لايشوش علي فيها وهم أن هؤلاء ينفعون
ويضرون النافع الضار هو الله أو يعطون أو يمنعون المعطي
المانع هو الله، ذكرنا هذا في المجلس الماضي لا يشوش علي
ما قد يصدر منهم من إحسان أو إساءة تجاهي من مدح أو ذم
هذه نقطة مهمة للسائر إلى الله، لايستقيم
أمر السير إلى الله دون ضبط هذا الأمر، كيف؟
مقاييس الصلة مع الناس في المدح والذم
تابعون ان شاء الله