معنى التفسير( تفسير القرآن الكريم)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الأنبياء والمرسلين ، وبعد:
فقد أحببت أن أبتدئ تمهيدا لبيان فوائد في مبادئ التفسير وأصوله.... من غير إطالة راجيا أن يكون فيه النفع والفائدة.
وسنبدأ بذكر معنى التفسير، وبالله التوفيق.
التفسير كما قال الشيخ محمد علي سلامة في كتابه (منهج الفرقان في علوم القرآن)(1/6):" لغةً مأخوذ من الفَسْر، وهو البيان والكشف، وأكثر استعمال التفسير لإظهار المعنى المعقول، ويطلق التفسير لغة أيضا على التعرية للانطلاق، يقال ففسرت الفرس إذا عريته للانطلاق.
وفي الاصطلاح علم يبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية"
ثم قال:"لهذا عرفوه أيضاً بأنه علمٌ يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب، وتتمات لذلك كمعرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح ما أبهم في القرآن، ونحو ذلك."اهـ
وهذا التعريف هو الذي ذكره الإمام أبو حيان كما نقله عنه الإمام السيوطي في الإتقان (2/450)، ثم قال:"فقولنا "علم" جنس، وقولنا "يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن" هو علم القراءة، وقولنا " ومدلولاتها" أي مدلولات تلك الألفاظ، وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم، وقولنا :"وأحكامها الإفرادية والتركيبية" هذا يشمل علم التصريف والبيان والبديع، وقولنا:"ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب" يشمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز، فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصد عن الحمل عليه صادٌّ، فيحمل على غيره، وهو المجاز، وقولنا:"وتتمات لذلك"، هو مثل معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما أبهم في القرآن ونحو ذلك. ."اهـ
قال السيوطي في الإتقان (2/451):"وقال الزركشي التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكَمِه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات. ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ."اهـ
فهذان التعريفان كما نرى من أقرب التعريفات إلى حقيقة التفسير كعلم، والتعريف كما هو ظاهر يبين الوسائل التي يجب على المفسر أن يتبعها في التفسير، فالتعريف بمنزلة القواعد للمفسر، والمرشد له إلى الطريقة التي لا يصح التفسير إلا بها.
وسوف نفصل في هذا بإذن الله تعالى لاحقا.
وقد أعرضت عن ذلك الأقوال الأخرى في التفسير والتأويل والفرق بينهما وقد نذكرها لاحقا...
وقد استفدنا من شيخنا العلامة بقية المحققين الشيخ إبراهيم خليفة رئيس قسم التفسير في الأزهر الشريف: أن التفسير ذكر جميع المعاني الممكنة من الألفاظ والجمل، وبيان مراتبها قوة وضعفا، بحسب العلوم المقررة من نحو وبلاغة الخ...
وليس من شأن المفسر أن يذكر المصاديق التي يقع عليها معنى اللفظ، فهذه هي وظيفة الفقيه مثلا أو غيره، على نحو ما سنذكره.إلا إذا كان اللفظ لا يحتمل غير المصداق مدلولا. مع أن ذكره لذلك لا يضر.
ولم يجز للمفسر تخصيص معنى الآية بسبب النزول، فإن سبب النزول أو مناسبة النزول إنما هو أحد مصاديق الآية، وليس مقيدا لمعناها، فحصْرُ معنى الآية بسبب النزول تحجير.
ولهذا المعنى لزم المفسرين أن يذكروا الوجوه المحتملة من الآية الواحدة، وقد يختلفون بترجيح بعضها على بعض.
ولا يصح للمفسر أن يُحَجِّرَ على لفظ القرآن بحمل معنى الكلمة على أحد مصاديقها الحاصل في زمان دون زمان أو مكان دون مكان، ما دام المعنى صادقا على غيره.
وليس لنا إلى غير الله تعالى حاجة ولا مذهب.