هذا ما منعني عن التوبه والاستقامه
كم من الظلام المنسوج ، والأشواك المغروسة والعقبات المنصوبة في طريق الاستقامة يكون مرد أمرها إلى تصورات خاطئة حجبت النور وحالت دون الهداية، وقد قيل الحكم على الشيء فرع عن تصوره ..ولن يتصور المرء أمراَ حتى يلج عالمه ويشاهد معالمه فإليك بعض التصورات الخاطئة وردها.
هذا ما منعني عن التوبة (1)
من التصورات الخاطئة : الاعتقاد بأن الاستقامة تقييد للحرية والانطلاق ولتبديد هذا التصور يكفي أن تعلم أولاً أن الحرية ليست هي أن تفعل أي شيء تريد متى ما أردت أو كيفما شئت..هذه ليست حرية ، بل تمرد وانفلات ..أنا وأنت وهو وهي عبيد لله ، والعبد يتصرف بحرية في مجال الحرية المتاح له ولا يجوز له الخروج على أمر ربه ..قال تعالى : [ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ] ومعصية الله ضلال وليست حرية قال تعالى: [ ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ]..إذن ففعل المعصية غير وارد أصلاً في مفهوم الحرية بل هي من الضلال ..إذن .. فالزم أمر الله واجتنب محارمه تكن ممتثلاً لربك.. وفي فسحة من أمرك.
هذا ما منعني عنالتوبة (2)
وقد وصلت التصورات الخاطئة بالبعض : مقولة : دعني استمتع بعمري قبل أن أتخذ قرار الهداية وكأن الاستقامة تحول بينه وبين الاستمتاع باللذائذ ! وما درى أن ضالته في الاستمتاع تتحقق في الهداية التي فر منها !! قال الله تعالى: [ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ]..قال أهل العلم حياة طيبة في ( الدنيا – القبر – الآخرة ( حياة طيبة تكون في مراحل حياة الإنسان الثلاث فأي حياة طيبة تريد بعد هذا ؟! وفي المقابل.. قال الله تعالى [ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ] فأي حياة بربك تُستلذ والضنك يحوطها والعمى مآلها ..قال بعض من وجد السعادة والانشراح النفسي مقولة ما أعذبها تنم عما وصل إليه من سعادة غامرة وطيب عيش رغيد ..قال : " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف"
هذا ما منعني عن التوبة (3)
ومن التصورات الخاطئة : أن الاستقامة وحدة وانطواء على النفس وحرمان مخالطة الناس وهذا تصور خطأ كل الخطأ فلم يأت الدين بهذا بل أن الدين قد حث المسلم على أمور عديدة لا يدركها إلا بالاختلاط مع الناس فصلة الرحم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإكرام الجار ، وإفشاء السلام ، وعيادة المريض ، وتشييع الميت .... وغير ذلك لا تكون إلا بمخالطة الناس في مجتمعاتهم وكذلك ترك المحرمات مثل الظلم والغيبة والكذب والغش..لا يكون إلا في مجتمعات الناس ..قال صلى الله عليه وسلم " المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني .
هذا ما منعنيعن التوبة (4)
ومن التصورات الخاطئة : تصور أهل الصلاح بأنهم أناس بسطاء محدودي الفكر ! فيحمله هذا التصور على الزهد في اتباع طريقهم هكذا أملى له الشيطان وسولت له نفسه ! وربما كان البعض يعرف الحق لكنها مجرد اتهامات باطلة وتبريرات زائفة ليحسنوا صورة أباطيلهم القبيحة ..وعلى كل ؛ هذا ليس جديداً في عالم البشرية بل قاله أناس قبل آلاف السنين .
قال الله تعالى في جواب قوم نوح عليه السلام لما دعاهم نوح للحق [ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ] سورة هود آية 11..فانظر إلى قولهم ( بادي الرأي ( لأتباع نوح الرسول الكريم عليه السلام بعد وصفهم بالأراذل أي " السفلة " فسبحان الله !!! كيف وصفوا عباد الله الأتقياء بما هم أولى به وأهله ، وهكذا هي موازين أهل الضلال مقلوبة متنكسة .
وليس جديداً رميهم لأهل الحق بالنقائص والسخرية منهم !! قال الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29( وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ (32 ( وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) سورة المطففين .
لكن الله لم يبارك لأهل الضلال طريقتهم بل عاقبهم ونكل بهم ..وكان الفوز حليفاً لأهل الحق والدين قال الله تعالى " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمنوا من الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَل ْثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" سورة المطففين..لنعلم أن الحق هو ما ارتضاه الله من الدين القويم والتزام شرعه الحكيم .
هذا ما منعني عن التوبة (5)
ومن التصورات الخاطئة : تصور [ الالتزام صعب ]ينظر البعض للشهوات واللذائذ المحرمة فيرى أنها محببة إلى النفس وسهلة عليها ... ويهمل الجانب الآخر وهو الأهم وهو ما يترتب على هذه المحرمات . !! ولا شك أن الصبر عن المحرمات هو الأسهل لأن به سعادة الدنيا ونعيم الآخرة هب أن شخصاً ليس له علاج إلا الكي ... فهل يصبر على حرارة الكي ساعة ، ثم يرتاح فيما بعد ، أم يظل رهين آلام هذا المرض ما تبقى له من حياة ؟!
إن العذاب إذا حل بأحد فاعلم..أنه سيقاسي من العذاب أضعاف ما تلذذه ، بل أضعافاً كثيرة ... بل سينسى كل نعيم مر به ! قال صلى الله عليه وسلم " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ... " فأين ذهبت تلك اللذائذ ؟! لقد تلاشت بغمسة واحدة فقط في جهنم !
قال صلى الله عليه وسلم ( في الحديث نفسه ) " .. ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بى بؤس قط ولا رأيت شدة قط . " صحيح - صحيح الجامع
والنظر في العواقب هو عين العقل والحكمة ... فلا يقدم العاقل على أمر إلا وينظر في عاقبته ، بل يتأمل كثيراً وقد يستعين بغيره قبل أن يقدم عليه هذا في الأمور الدنيوية الفانية بما فيها..فكيف بأمور الآخرة التي هي خير وأبقى ..ثم سل من سار على طريق الاستقامة هل هو صعب ؟! بل أنظر إلى حالهم وسعادتهم وطيب نفوسهم ..ستجد حالهم يغني عن مقالهم .
هذا ما منعني عن التوبة (6)
ومن التصورات الخاطئة : عدم السعي في بذل أسباب الاستقامة فقد تجد من يقول ( الهداية من الله ) و ( الله الهادي) و ( الله ما أراد أن يهديني) ويستدل بقوله تعالى " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " ونحن نعلم أن الله هو الهادي والهداية من الله لكن قف معي لحظات !!! أليس الله هو الرازق ؟! أليس الرزق من الله ؟! فلماذا تحرص على العمل والوظيفة وتجتهد في الحصول عليها ، وتصبر وتتحمل المشاق في تطلب الرزق والمعيشة ..لماذا لا تجلس في بيتك وتقول ( الله الرازق ) ؟ أليس ( الرازق ) هو ( الهادي ) ؟!
لو جلست في بيتك تنتظر الرزق يأتيك دون بذل الأسباب لقال لناس عنك مجنوناً ..فكيف تنتظر الهداية - وهي الأهم - دون بذل أسبابها ؟! ثم إن الاستدلال بقوله تعالى " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " على ترك بذل أسباب الهداية استدلال لم يحالفك الصواب فيه ..لأن الهداية نوعان : هداية توفيق ، وهداية دلالة وإرشاد فهداية التوفيق هي المقصودة في الآية : وهي قذف الهداية في قلب الإنسان . وهذه ليست لأحد إلا الله . فلا يستطيع أحد أن يقذف الهداية في قلب أحد إلا الله تبارك وتعالى .
لكن النوع الآخر من الهداية مستطاع ، والذي هو (هداية الدلالة والإرشاد) ..ولذلك قال الله تعالى في حق الرسول صلى الله عليه وسلم " وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " فانظر كيف أثبت الله عز وجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هاد . وهداية الدلالة والإرشاد سبيل الأنبياء ومن سار على طريقتهم ..وكذلك قوله تعالى " ولكل قوم هاد " فهي هداية دلالة وإرشاد فالله تبارك وتعالى لم ينف هداية الإرشاد عن الأنبياء وأتباعهم ممن قام بهداية الناس ودعوتهم ..وهذا من بذل السبب في هداية الناس..بل أن المرء مطالب بإنقاذ نفسه ، وتطلب الهداية والسعي لها ..قال الله تعالى في الحديث القدسي " فاستهدوني أهدكم " رواه مسلم .
ووعد تبارك وتعالى بالهداية لمن بذل أسبابها قال تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " وطب نفساً بقول الله تعالى في الحديث القدسي " ... ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " صحيح الجامع .
هذا ما منعني عن التوبة (7 )
ومن التصورات الخاطئة : عدم سلوك طريق الاستقامة خوف الانتكاسة فيختار عدم البدء من الأساس هذا التصور الشيطاني الغريب لا يقبله العقل السليم لكنه للأسف موجود
حسناً ... سأتكلم بنفس منطقك ..إذا استقمتَ فهناك احتمال أنك سوف تنتكس فتخسر القضية لكن هناك احتمال آخر أيضاً ؛ وهو أنك ربما تثبت على دين الله..لكن لو أنك من الأصل لم تلتزم فأنك ستكون خسران بدون احتمال آخر ..ثم كيف تحكم على شيء لم تجربه ؟ ثم لو أنك تركت طريق الهداية ... فهل تتركه لخطأ فيه ... أم لخطأ فيك ؟
لو أنك أردت أن تشتري سيارة فهل تُخرج الفكرة من رأسك لاحتمال أنها ربما تعطلت عليك ؟! غريب هذا المنطق.. بل ولنفرض ذلك ..هذا لا يمنع أن تشتريها وتهتم بها ولو تعطلت عليك أصلحتها ..إذن الأمر أمرك.. والخلل منك فقم على نفسك وأصلح شأنك..وفقني الله وإياك لكل طاعة وخير
هذا ما منعني عن التوبة (8)
ومن التصورات الخاطئة رفع شعار : جربنا وفشلنا
أحسنتَ إن بدأت.. لكن..لماذا تقهقرت ورجعت ؟! هذا يرجع لأسباب عديدة ، والناس تختلف في هذا وسأذكر هنا عدة أسباب..فساعدني على نفسك واجمع عليك شتات قلبك وناد على عزائم جأشك فإن رأيت خللاً فضع يدك عليه فإنه مكمن الداء..ثم بادر بإصلاحه ..وبإجاباتك على هذه الأسئلة يتحدد الزلل ويعالج الخلل إن شاء الله فقل لي يا عزيزي : - هل كانت الهداية - التي سرت على طريقها - من أجل الله ؟
- هل أقبلت على التوبة .. وأنت تحمل قلباً ملأه الندم وعصره الأسى على ما مضى ؟ - هل أقبلت على الله بعزيمة جادة نحو التغير ؟ - هل صدقت في توبتك ... فهجرت المنكرات ولم تلتفت إليها وأقبلت على الطاعات تنهل منها ؟ - هل اعتزلت أصحاب الماضيواستبدلت بهم أخياراً ؟ - هل قطعت صلتك بما يذكرك ويربطك بالمعاصي من أدوات وأجهزة ؟ وأماكن كنت ترتادها ؟ وقنوات ؟ ومواقع ؟ - هل وضعت لنفسك برنامجاً مع كتاب الله ؟ وسماع المحاضرات ؟ وقراءة الكتب النافعة ؟ وزيارة الصالحين ؟ والاستزادة من الطاعات بشكل عام ؟
يا اخى/ اختاه
... لابد أن يكون التغير شاملاً فتبتعد عن كل ما يعيدك للماضي لابد أن تحيط بك بيئة نظيفة أنت تساهم في بنائها.
يا اخى/ اختاه
.هل سمعت بقصة الرجل التائب قاتل المائة الذي قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره هل رأيت كيف أرشده العالم إلى تغيير بيئته وأخبره بأن أرضه أرض سوء فأرشده إلى أن يذهب إلى أرضٍ أهلها صالحون ليعبد الله معهم .
يا اخى/ اختاه
..شجرة الهداية تحتاج إلى بيئة نقية لتنمو وتكبر وتزدهر .
وفقني الله وإياك طريق الهدى وثبتنا عليه حتى نلقاه.. آمين
من التصورات الخاطئة : الاعتقاد بأن الاستقامة تقييد للحرية والانطلاق ولتبديد هذا التصور يكفي أن تعلم أولاً أن الحرية ليست هي أن تفعل أي شيء تريد متى ما أردت أو كيفما شئت..هذه ليست حرية ، بل تمرد وانفلات ..أنا وأنت وهو وهي عبيد لله ، والعبد يتصرف بحرية في مجال الحرية المتاح له ولا يجوز له الخروج على أمر ربه ..قال تعالى : [ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ] ومعصية الله ضلال وليست حرية قال تعالى: [ ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ]..إذن ففعل المعصية غير وارد أصلاً في مفهوم الحرية بل هي من الضلال ..إذن .. فالزم أمر الله واجتنب محارمه تكن ممتثلاً لربك.. وفي فسحة من أمرك.
هذا ما منعني عنالتوبة (2)
وقد وصلت التصورات الخاطئة بالبعض : مقولة : دعني استمتع بعمري قبل أن أتخذ قرار الهداية وكأن الاستقامة تحول بينه وبين الاستمتاع باللذائذ ! وما درى أن ضالته في الاستمتاع تتحقق في الهداية التي فر منها !! قال الله تعالى: [ من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ]..قال أهل العلم حياة طيبة في ( الدنيا – القبر – الآخرة ( حياة طيبة تكون في مراحل حياة الإنسان الثلاث فأي حياة طيبة تريد بعد هذا ؟! وفي المقابل.. قال الله تعالى [ ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى ] فأي حياة بربك تُستلذ والضنك يحوطها والعمى مآلها ..قال بعض من وجد السعادة والانشراح النفسي مقولة ما أعذبها تنم عما وصل إليه من سعادة غامرة وطيب عيش رغيد ..قال : " لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا عليه بالسيوف"
هذا ما منعني عن التوبة (3)
ومن التصورات الخاطئة : أن الاستقامة وحدة وانطواء على النفس وحرمان مخالطة الناس وهذا تصور خطأ كل الخطأ فلم يأت الدين بهذا بل أن الدين قد حث المسلم على أمور عديدة لا يدركها إلا بالاختلاط مع الناس فصلة الرحم ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإكرام الجار ، وإفشاء السلام ، وعيادة المريض ، وتشييع الميت .... وغير ذلك لا تكون إلا بمخالطة الناس في مجتمعاتهم وكذلك ترك المحرمات مثل الظلم والغيبة والكذب والغش..لا يكون إلا في مجتمعات الناس ..قال صلى الله عليه وسلم " المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم . رواه الترمذي وابن ماجه وصححه الألباني .
هذا ما منعنيعن التوبة (4)
ومن التصورات الخاطئة : تصور أهل الصلاح بأنهم أناس بسطاء محدودي الفكر ! فيحمله هذا التصور على الزهد في اتباع طريقهم هكذا أملى له الشيطان وسولت له نفسه ! وربما كان البعض يعرف الحق لكنها مجرد اتهامات باطلة وتبريرات زائفة ليحسنوا صورة أباطيلهم القبيحة ..وعلى كل ؛ هذا ليس جديداً في عالم البشرية بل قاله أناس قبل آلاف السنين .
قال الله تعالى في جواب قوم نوح عليه السلام لما دعاهم نوح للحق [ وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي ] سورة هود آية 11..فانظر إلى قولهم ( بادي الرأي ( لأتباع نوح الرسول الكريم عليه السلام بعد وصفهم بالأراذل أي " السفلة " فسبحان الله !!! كيف وصفوا عباد الله الأتقياء بما هم أولى به وأهله ، وهكذا هي موازين أهل الضلال مقلوبة متنكسة .
وليس جديداً رميهم لأهل الحق بالنقائص والسخرية منهم !! قال الله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ (29( وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ (30) وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ (31) وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ (32 ( وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ (33) سورة المطففين .
لكن الله لم يبارك لأهل الضلال طريقتهم بل عاقبهم ونكل بهم ..وكان الفوز حليفاً لأهل الحق والدين قال الله تعالى " فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمنوا من الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (35) هَل ْثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" سورة المطففين..لنعلم أن الحق هو ما ارتضاه الله من الدين القويم والتزام شرعه الحكيم .
هذا ما منعني عن التوبة (5)
ومن التصورات الخاطئة : تصور [ الالتزام صعب ]ينظر البعض للشهوات واللذائذ المحرمة فيرى أنها محببة إلى النفس وسهلة عليها ... ويهمل الجانب الآخر وهو الأهم وهو ما يترتب على هذه المحرمات . !! ولا شك أن الصبر عن المحرمات هو الأسهل لأن به سعادة الدنيا ونعيم الآخرة هب أن شخصاً ليس له علاج إلا الكي ... فهل يصبر على حرارة الكي ساعة ، ثم يرتاح فيما بعد ، أم يظل رهين آلام هذا المرض ما تبقى له من حياة ؟!
إن العذاب إذا حل بأحد فاعلم..أنه سيقاسي من العذاب أضعاف ما تلذذه ، بل أضعافاً كثيرة ... بل سينسى كل نعيم مر به ! قال صلى الله عليه وسلم " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في جهنم صبغة ثم يقال له يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يا رب ... " فأين ذهبت تلك اللذائذ ؟! لقد تلاشت بغمسة واحدة فقط في جهنم !
قال صلى الله عليه وسلم ( في الحديث نفسه ) " .. ويؤتى بأشد الناس بؤسا في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له يا ابن آدم هل رأيت بؤسا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يا رب ما مر بى بؤس قط ولا رأيت شدة قط . " صحيح - صحيح الجامع
والنظر في العواقب هو عين العقل والحكمة ... فلا يقدم العاقل على أمر إلا وينظر في عاقبته ، بل يتأمل كثيراً وقد يستعين بغيره قبل أن يقدم عليه هذا في الأمور الدنيوية الفانية بما فيها..فكيف بأمور الآخرة التي هي خير وأبقى ..ثم سل من سار على طريق الاستقامة هل هو صعب ؟! بل أنظر إلى حالهم وسعادتهم وطيب نفوسهم ..ستجد حالهم يغني عن مقالهم .
هذا ما منعني عن التوبة (6)
ومن التصورات الخاطئة : عدم السعي في بذل أسباب الاستقامة فقد تجد من يقول ( الهداية من الله ) و ( الله الهادي) و ( الله ما أراد أن يهديني) ويستدل بقوله تعالى " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " ونحن نعلم أن الله هو الهادي والهداية من الله لكن قف معي لحظات !!! أليس الله هو الرازق ؟! أليس الرزق من الله ؟! فلماذا تحرص على العمل والوظيفة وتجتهد في الحصول عليها ، وتصبر وتتحمل المشاق في تطلب الرزق والمعيشة ..لماذا لا تجلس في بيتك وتقول ( الله الرازق ) ؟ أليس ( الرازق ) هو ( الهادي ) ؟!
لو جلست في بيتك تنتظر الرزق يأتيك دون بذل الأسباب لقال لناس عنك مجنوناً ..فكيف تنتظر الهداية - وهي الأهم - دون بذل أسبابها ؟! ثم إن الاستدلال بقوله تعالى " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء " على ترك بذل أسباب الهداية استدلال لم يحالفك الصواب فيه ..لأن الهداية نوعان : هداية توفيق ، وهداية دلالة وإرشاد فهداية التوفيق هي المقصودة في الآية : وهي قذف الهداية في قلب الإنسان . وهذه ليست لأحد إلا الله . فلا يستطيع أحد أن يقذف الهداية في قلب أحد إلا الله تبارك وتعالى .
لكن النوع الآخر من الهداية مستطاع ، والذي هو (هداية الدلالة والإرشاد) ..ولذلك قال الله تعالى في حق الرسول صلى الله عليه وسلم " وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " فانظر كيف أثبت الله عز وجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم هاد . وهداية الدلالة والإرشاد سبيل الأنبياء ومن سار على طريقتهم ..وكذلك قوله تعالى " ولكل قوم هاد " فهي هداية دلالة وإرشاد فالله تبارك وتعالى لم ينف هداية الإرشاد عن الأنبياء وأتباعهم ممن قام بهداية الناس ودعوتهم ..وهذا من بذل السبب في هداية الناس..بل أن المرء مطالب بإنقاذ نفسه ، وتطلب الهداية والسعي لها ..قال الله تعالى في الحديث القدسي " فاستهدوني أهدكم " رواه مسلم .
ووعد تبارك وتعالى بالهداية لمن بذل أسبابها قال تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " وطب نفساً بقول الله تعالى في الحديث القدسي " ... ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة " صحيح الجامع .
هذا ما منعني عن التوبة (7 )
ومن التصورات الخاطئة : عدم سلوك طريق الاستقامة خوف الانتكاسة فيختار عدم البدء من الأساس هذا التصور الشيطاني الغريب لا يقبله العقل السليم لكنه للأسف موجود
حسناً ... سأتكلم بنفس منطقك ..إذا استقمتَ فهناك احتمال أنك سوف تنتكس فتخسر القضية لكن هناك احتمال آخر أيضاً ؛ وهو أنك ربما تثبت على دين الله..لكن لو أنك من الأصل لم تلتزم فأنك ستكون خسران بدون احتمال آخر ..ثم كيف تحكم على شيء لم تجربه ؟ ثم لو أنك تركت طريق الهداية ... فهل تتركه لخطأ فيه ... أم لخطأ فيك ؟
لو أنك أردت أن تشتري سيارة فهل تُخرج الفكرة من رأسك لاحتمال أنها ربما تعطلت عليك ؟! غريب هذا المنطق.. بل ولنفرض ذلك ..هذا لا يمنع أن تشتريها وتهتم بها ولو تعطلت عليك أصلحتها ..إذن الأمر أمرك.. والخلل منك فقم على نفسك وأصلح شأنك..وفقني الله وإياك لكل طاعة وخير
هذا ما منعني عن التوبة (8)
ومن التصورات الخاطئة رفع شعار : جربنا وفشلنا
أحسنتَ إن بدأت.. لكن..لماذا تقهقرت ورجعت ؟! هذا يرجع لأسباب عديدة ، والناس تختلف في هذا وسأذكر هنا عدة أسباب..فساعدني على نفسك واجمع عليك شتات قلبك وناد على عزائم جأشك فإن رأيت خللاً فضع يدك عليه فإنه مكمن الداء..ثم بادر بإصلاحه ..وبإجاباتك على هذه الأسئلة يتحدد الزلل ويعالج الخلل إن شاء الله فقل لي يا عزيزي : - هل كانت الهداية - التي سرت على طريقها - من أجل الله ؟
- هل أقبلت على التوبة .. وأنت تحمل قلباً ملأه الندم وعصره الأسى على ما مضى ؟ - هل أقبلت على الله بعزيمة جادة نحو التغير ؟ - هل صدقت في توبتك ... فهجرت المنكرات ولم تلتفت إليها وأقبلت على الطاعات تنهل منها ؟ - هل اعتزلت أصحاب الماضيواستبدلت بهم أخياراً ؟ - هل قطعت صلتك بما يذكرك ويربطك بالمعاصي من أدوات وأجهزة ؟ وأماكن كنت ترتادها ؟ وقنوات ؟ ومواقع ؟ - هل وضعت لنفسك برنامجاً مع كتاب الله ؟ وسماع المحاضرات ؟ وقراءة الكتب النافعة ؟ وزيارة الصالحين ؟ والاستزادة من الطاعات بشكل عام ؟
يا اخى/ اختاه
... لابد أن يكون التغير شاملاً فتبتعد عن كل ما يعيدك للماضي لابد أن تحيط بك بيئة نظيفة أنت تساهم في بنائها.
يا اخى/ اختاه
.هل سمعت بقصة الرجل التائب قاتل المائة الذي قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره هل رأيت كيف أرشده العالم إلى تغيير بيئته وأخبره بأن أرضه أرض سوء فأرشده إلى أن يذهب إلى أرضٍ أهلها صالحون ليعبد الله معهم .
يا اخى/ اختاه
..شجرة الهداية تحتاج إلى بيئة نقية لتنمو وتكبر وتزدهر .
وفقني الله وإياك طريق الهدى وثبتنا عليه حتى نلقاه.. آمين