تفاقمت «عقدة حماة» في يوم «تحدي إلارادات» بين السلطات
السورية، التي تريد إنهاء الحركة الاحتجاجية، والمتظاهرين، الذين يصرّون
على مواصلة حركتهم، بعد خروج مئات الآلاف في غالبية المدن السورية في «جمعة
لا للحوار» تحت عيون السفيرين الأميركي روبرت فورد، والفرنسي اريك
شوفالييه اللذين حضرا أمس في حماة بعض تظاهرات المحتجين والتقيا معارضين
سوريين. وخرج حوالى 450 آلف متظاهر في حماة وحدها ما شكل التحدي الأكبر للسلطات وقوات الجيش التي لا تزال متمركزة على أطراف المدينة. وأثار وجود السفيرين في حماة رد فعل غاضباً في دمشق التي اتهمت واشنطن
بتحريض «مخربين» على التظاهر ورفض الحوار. وقالت دمشق إن هذا «دليل واضح
على تورط» واشنطن في الأحداث، لكن وزارة الخارجية الأميركية ردّت بالتعبير
عن «استيائها» من رد فعل دمشق. وقالت الناطقة باسم الوزارة فيكتوريا نالاند
«إن السفير الأميركي ترك المدينة عائداً الى دمشق أمس بعد لقائه عدداً من
المتظاهرين». وجددت التأكيد أن واشنطن أبلغت دمشق مسبقاً بهذه الزيارة.وقالت: «نحن بصراحة مستاؤون قليلاً لرد الفعل السوري». وشددت على أن قول
الحكومة السورية أنها تفاجأت بزيارة السفير فورد الى حماة «لا معنى له».وكانت المستشارة السياسية والاعلامية في رئاسة الجمهورية السورية بثينة
شعبان أكدت «احتجاج واستياء الشعب السوري» على زيارة السفير الأميركي حماة
من دون إذن من الحكومة السورية، فيما أفادت وزارة الداخلية السورية أن فورد
التقى خلال زيارته المدينة «مخربين» في حماة و «حضهم على التظاهر والعنف
ورفض الحوار». وكانت شعبان قالت رداً على سؤال لقناة «بي بي سي» العربية، إن سورية لا
تريد قطع «شعرة معاوية» مع الإدارة الأميركية، قبل أن تجدد تأكيد وجود
«احتجاج واستياء شديدين من قبل الشعب السوري حول بيان الخارجية الأميركية
بأن (فورد) موجود في حماة ويعتزم البقاء إلى (أمس)، وذلك عشية التوجه إلى
الحوار الوطني بين كل شرائح المجتمع السوري». وتابعت: «هذا يعطينا رسالة أن
الولايات المتحدة تقول: لا للحوار»، متسائلة: «إذا كانت الولايات المتحدة
تريد المسار الديموقراطي والإصلاحي في سورية، فلماذا لم تعبّر عن رأيها
بدعم الحوار الذي نتّجه إليه؟».وفي أجواء وصفها ناشطون سوريون بـالمتوترة والساخنة، تظاهر مئات الآلاف
في عدد كبير من المدن، بينها حماة وريف دمشق ودير الزور ودرعا وحمص وحلب
والقامشلي وإدلب وبانياس واللاذقية، منددين بالعنف ضد المدنيين، معلنين
رفضهم الحوار مع السلطات. وقال ناشطون إن قوى الأمن انتشرت بكثافة في غالبية المدن، وإن أجواء
توتر شديدة سادت خصوصاً بعد قيام المئات من عناصر الأمن بعمليات ليلية في
دمشق وحراستا والقابون وإدلب وحمص تمت خلالها الإغارة على محتجين وناشطين،
ما أدى إلى عشرات الجرحى والمعتقلين. وقالت منظمات سورية إن 14 متظاهراً
على الأقل قتلوا برصاص الأمن أثناء تفريق التظاهرات أمس. ووفق منظمتين حقوقيتين، قتلت قوات الأمن ستة متظاهرين في مدينة الضمير
في ريف دمشق وخمسة متظاهرين في حمص ومتظاهرين في حي الميدان وسط دمشق. وقالت الرابطة الوطنية لحقوق الانسان إن أكثر من 450 ألف شخص خرجوا
للتظاهر في ساحة العاصي والشوارع المؤدية إليها وسط حماة. فيما قال المرصد
السوري إن قوات الامن فرّقت حوالى مئة ألف متظاهر في مدينة دير الزور،
مشيراً الى «سقوط نحو عشرة جرحى بينهم إصابتان خطرتان اثناء تظاهرة في
الميادين (شرق) شارك فيها الآلاف». كما تحدث المرصد عن قيام قوات الأمن
«بحملة اعتقالات ومداهمات مستمرة في عدة أحياء في حمص». إلى ذلك، أثار قتل صاحب الهتافات المدوية في «ساحة العاصى» في حماة،
صدمة في أوساط الناشطين السوريين الذين قالوا إن ذبح «صوت الاحتجاجات» في
المدينة إبراهيم قاشوش «دليل عجز» السلطات. ونعى موقع «سورية الجديدة من
أجل التغيير والديموقراطية» القتيل، موضحاً انه تم العثور على جثته في نهر
العاصي بعد فترة من اعتقال قوات الأمن له في حماة.