سُئل الشَّيخُ الإمَامُ ابن تيمية ـ
ـ عن ( الصبر الجميل ) و ( الصفح الجميل ) و( الهجر الجميل )
فأجاب ـ رحمه اللّه:
الحمد للّه، أما بعد: فإن اللّه أمر نبيه بالهجر الجميل ، والصفح الجميل، والصبر الجميل
.
فالهجر الجميل : هجر بلا أذى
صفح الجميل : صفح بلا عتاب
والصبر الجميل : صبر بلا شكوى
قال داود عليه السلام : يارب ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاءه أن ألبسه لباس الإيمان فلا أنزعه عنه أبدا
(( روي إن إبراهيم الخليل عليه السلام شكا إلى الله خُلق سارة فأوحى الله إليه أنني خلقتها من ضلع آدم عليه السلام الأقصر اليسار وأن الضلع الأعوج إن قومته كسرته فاصبر عليها
وتحملها على ما فيها إلا أن ترى نقصا في دينها )) .
[[ في الروض الفائق ص 219 ]]
قيل قال عيسى عليه السلام : حب الفردوس وخشية جهنم يورثان الصبر على المشقة ويباعدان العبد من راحة الدنيا .
[[ حلية الأولياء ج 8 ص 124 ]]
روي عن المسيح عليه السلام أنه قال للحواريين : إنكم لا تدركون ما تحبون إلا بصبركم على ما تكرهون .
[[ مع الصبر والصابرين ص 36 ]]
قال داود عليه السلام : يارب ما جزاء الحزين الذي يصبر على المصائب ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاءه أن ألبسه لباس الإيمان فلا أنزعه عنه أبدا .
[[ حلية الأولياء ج2 ص 369 ]]
وقال داود لسليمان عليهما السلام يستدل على تقوى المؤمن بثلاث : حسن التوكل فيما لم ينل ، وحسن الرضا فيما قد نال ، وحسن الصبر فيما قد فات .
[[ حلية الأولياء ج2 369 ]]
وإذا ابتليت بشدة فاصبر لها.................... صبر الكرام فما يدوم مقامها
فالله يبلي كي يُثيب فلا تضق.................... ذرعاً بنازلة جرت أحكامهـــا
الصبر قلعة حصينة لا يقتحمها جيش ولا يدخلها عدو
الصبر مجاهدة الاحباط ومراغمة الفشل
الصبر زاد لا ينفذ ومعين لا ينضب
إذا كان معك الصبر فلا عليك من عدد العدو وعتاده ولا من ناره وزناده وتلق الخطوب الكوالح وأنت ضاحك وصارع النكبات الدهم وأنت
باسم :
تنكر لي خصمي ولم يدر أنني أعز وأحداث الزمان تهون
فبات يريني الخصم كيف عتوه وبت أريه الصبر كيف يكون
قال يعقوب ـ عليه الصلاة والسلام ـ: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }
مع قوله: { فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ }
فالشكوى إلى اللّه لا تنافي الصبر الجميل، ويروي عن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ
أنه كان يقول : (اللهم لك الحمد، وإليك المشتكى ، وأنت المستعان، وبك / المستغاث وعليك التكلان )
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللّهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربي، اللّهم إلي من تكلني؟ إلى بعيد يتجهمني؟ أم
إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن ينزل بي
سخطك، أو يحل علي غضبك، لك العتبي حتى ترضى ).
وكان عمر بن الخطاب ـ رضي اللّه عنه ـ يقرأ في صلاة الفجر:
{ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ }
ويبكي حتى يسمع نشيجه من آخر الصفوف؛ بخلاف الشكوي إلى المخلوق. قرئ على الإمام أحمد في مرض موته أن طاووسًا كره أنين المريض، وقال: إنه شكوى. فما أن حتى مات.
وذلك أن المشتكي طالب بلسان الحال، إما إزالة ما يضره أو حصول ما ينفعه والعبد مأمور أن يسأل ربه دون خلقه، كما قال تعالى : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ}
وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس:
( إذا سألت فاسأل اللّه، وإذا استعنت فاستعن باللّه )