صور مشرفة من بيت النبوة
الذي يقرأ في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد عجباً، من حسن تعامله، وجمال أسلوبه مع كافة طبقات المجتمع على سبيل العموم ، ومع اهل بيته على سبيل الخصوص ، ويكفي مصداقاً لذلك .. ثناء ربه عليه بقوله : (( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (القلم:4) .
تقول عائشة رضي الله عنها : ((إِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ كَانَ الْقُرْآنَ)) [1]
ولعلي أعرض لكم نماذج من معاملة النبي مع أهله ..من خلال المطالب التالية :
تعامله صلى الله عليه وسلم مع زوجاته :
لقد كانت حياته فى بيته وبين نسائه المثلى الأعلى في المودة ، والموادعة ، وترك الكلفة ، وبذل المعونة ، واجتناب هجر الكلام ومره ، وهو الذي يقول : ((خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي)) [2]ومن خلال النصوص الشرعية يمكن أن نستقرئ ما كان يفعله فى بيته مع زوجاته :
عَنْ الأسْوَدِ قَالَ : سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها : (( مَا كَانَ النَّبِيُّ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ - تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ - فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلاةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاةِ )) [3]
عن عُرْوَةَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سُئِلَتْ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْمَلُ فِي بَيْتِهِ ؟ قَالَتْ: ((كَانَ يَخِيطُ ثَوْبَهُ، وَيَخْصِفُ نَعْلَهُ ، وَيَعْمَلُ مَا يَعْمَلُ الرِّجَالُ فِي بُيُوتِهِمْ )) [4]
وعن عمرة عن عائشة أنها سئلت : ما كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته ؟ قالت : ((ما كان إلا بشراً من البشر كان يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم [5]
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ((كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ فَيَشْرَبُ ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ - وهو العظم الذي عليه اللحم - وَأَنَا حَائِضٌ ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ )) [6]
وكان صلى الله عليه وسلم من التبسط ورفع الكلفة إلى حدِّ أن يستبق هو وامرأته كما جاء عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قَالَتْ : (( خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ِ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَأَنَا جَارِيَةٌ لَمْ أَحْمِلْ اللَّحْمَ ، وَلَمْ أَبْدُنْ . فَقَالَ : ( لِلنَّاسِ تَقَدَّمُوا ) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ لِي : ( تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ )، فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقْتُهُ، فَسَكَتَ عَنِّي، حَتَّى إِذَا حَمَلْتُ اللَّحْمَ وَبَدُنْتُ وَنَسِيتُ ، خَرَجْتُ مَعَهُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، فَقَالَ لِلنَّاسِ : (تَقَدَّمُوا) فَتَقَدَّمُوا ثُمَّ قَالَ : (تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ ) فَسَابَقْتُهُ فَسَبَقَنِي ، فَجَعَلَ يَضْحَكُ وَهُوَ يَقُولُ: (هَذِهِ بِتِلْكَ)) [7]
بل أحيانا ترفع عائشة رضي الله عنها صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : ((جَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَى النَّبِيِّ فَسَمِعَ عَائِشَةَ وَهِيَ رَافِعَةٌ صَوْتَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ أُمِّ رُومَانَ وَتَنَاوَلَهَا أَتَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : فَحَالَ النَّبِيُّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ، قَالَ : فَلَمَّا خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ جَعَلَ النَّبِيُّ يَقُولُ لَهَا يَتَرَضَّاهَا : ( أَلا تَرَيْنَ أَنِّي قَدْ حُلْتُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَكِ ؟) قَالَ : ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَوَجَدَهُ يُضَاحِكُهَا ، قَالَ: فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَشْرِكَانِي فِي سِلْمِكُمَا ، كَمَا أَشْرَكْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا )) [8]
وقال أنس رضي الله عنه في حديثه عن صفية رضي الله عنها : ((فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ يُحَوِّي لَهَا وَرَاءَهُ بِعَبَاءَةٍ ثُمَّ يَجْلِسُ عِنْدَ بَعِيرِهِ فَيَضَعُ رُكْبَتَهُ وَتَضَعُ صَفِيَّةُ رِجْلَهَا عَلَى رُكْبَتِهِ حَتَّى تَرْكَبَ )) [9] .
وعن عائشة قالت : ((أتيت النبي بخزيرة - لحم يقطع ويصب عليه ماء كثير ، فإذا نضج ذر عليه الدقيق - قد طبختها له فقلت لسودة والنبي بيني وبينها كلي ، فأبت ، فقلت: لتأكلن أو لألطخن وجهك ، فأبت ، فوضعت يدي في الخزيرة فطليت وجهها ، فضحك النبي ، فوضع بيده لها وقال لها : الطخي وجهها ، فضحك النبي r )) [10]
معاملته صلى الله عليه وسلم مع بناته
فقد كانت قمة في الروعة والجمال، لقد كان صلى الله عليه وسلم يرحب بهن ، تقول عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ فَقَالَ النَّبِيُّ : (مَرْحَبًا بِابْنَتِي) ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ [11] ، وما كان النبي إذا زوج البنت يتخلى عنها ، بل كان يتعاهدها بالنصح والإرشاد ، والتذكير والزيارة ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه ((أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام اشْتَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ الرَّحَى مِمَّا تَطْحَنُ فَبَلَغَهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِسَبْيٍ فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تُوَافِقْهُ ، فَذَكَرَتْ لِعَائِشَةَ ، فَجَاءَ النَّبِيُّ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَهُ ، فَأَتَانَا وَقَدْ دَخَلْنَا مَضَاجِعَنَا ، فَذَهَبْنَا لِنَقُومَ ، فَقَالَ : عَلَى مَكَانِكُمَا ، حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي ، فَقَالَ: أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا اللَّهَ أَرْبَعًا وَثَلاثِينَ ، وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، وَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ ، فَإِنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمَا مِمَّا سَأَلْتُمَاهُ)) [12]
بل كان صلى الله عليه وسلم يبحث عن أولاد بناته ويلاعبهم فقد روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : ((خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي طَائِفَةٍ مِنْ النَّهَارِ ...حَتَّى أَتَى خِبَاءَ فَاطِمَةَ فَقَالَ : ( أَثَمَّ لُكَعُ - يعني الصغير - أَثَمَّ لُكَعُ ) - يَعْنِي حَسَنًا - فَظَنَنَّا أَنَّهُ إِنَّمَا تَحْبِسُهُ أُمُّهُ لأَنْ تُغَسِّلَهُ وَتُلْبِسَهُ سِخَابًا ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ يَسْعَى حَتَّى اعْتَنَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَأَحْبِبْ مَنْ يُحِبُّه))[13]
وكان صلى الله عليه وسلم يحرص على ملاطفة أزواج بناته والصلح بينهما إذا حصل خلاف ، فما كان يترك بناته وكأن حملاً ثقيلاً قد زال عنه ، فيتركها لزوجها دون متابعة أو مناصحة أو ملاطفة للزوج حتى يحسن معاملة ابنته فمثلا ..حصل ذات مرة خلاف بين فاطمة رضي الله عنها وعلي بن أبي طالب فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم وسأل عن علي فقالت فاطمة : ((كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَيْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِإِنْسَانٍ انْظُرْ أَيْنَ هُوَ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ ، وَأَصَابَهُ تُرَابٌ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ : قُمْ أَبَا تُرَابٍ ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ)) [14] .
انظر إلى ملاطفة النبي لزوج ابنته من أجل كسب وده وملاطفته فهل يفعل الآباء ذلك مع أزواج بناتهم ؟!! بل كان صلى الله عليه وسلم يحث بناته وأزواجهن على قيام الليل، ويذهب إليهما ليوقظهما كما جاء في صحيح البخاري ومسلم عن علي بن الحسين ((أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلام لَيْلَةً فَقَالَ : أَلا تُصَلِّيَانِ ؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ : أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا ، فَانْصَرَفَ حِينَ قُلْنَا ذَلِكَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهُوَ مُوَلٍّ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَهُوَ يَقُولُ : (( وَكَانَ الإنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً)) [15] .
وكان صلى الله عليه وسلم يأمرهن بالمعروف وينهاهن عن المنكر ، فمن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : ((أَتَى النَّبِيُّ بَيْتَ فَاطِمَةَ ، فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهَا ، وَجَاءَ عَلِيٌّ فَذَكَرَتْ لَهُ ذَلِكَ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ قَالَ : إِنِّي رَأَيْتُ عَلَى بَابِهَا سِتْرًا مَوْشِيًّا ، فَقَالَ : مَا لِي وَلِلدُّنْيَا ، فَأَتَاهَا عَلِيٌّ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهَا ، فَقَالَتْ : لِيَأْمُرْنِي فِيهِ بِمَا شَاءَ ، قَالَ: تُرْسِلُ بِهِ إِلَى فُلانٍ أَهْلِ بَيْتٍ بِهِمْ حَاجَةٌ )) [16].
بل كان صلى الله عليه وسلم يغضب إذا أوذيت أو تعرض لها أحد بسوء كما جاء في صحيح البخاري أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ قَالَ : (( إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ فَاطِمَةُ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لا تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، وَهَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ : أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا وَاللَّهِ لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ )) [17]
ولم يكن يغالي في مهور بناته أو يتاجر بهن عليه الصلاة والسلام ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ((أَلا لا تُغَالُوا صَدُقَةَ النِّسَاءِ ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا، أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ، لَكَانَ أَوْلاكُمْ بِهَا نَبِيُّ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ r نَكَحَ شَيْئًا مِنْ نِسَائِهِ ، وَلا أَنْكَحَ شَيْئًا مِنْ بَنَاتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً )) [18]
هكذا كان صلى الله عليه وسلم يتعامل مع بناته فأين نحن من هذه الأخلاق الكريمة ، والصفات الحميدة .
معاملته صلى الله عليه وسلم مع أخواته
جاء في كتب السير أن أخته صلى الله عليه وسلم جاءته ، وقد ابتعدت عنه ما يقارب أربعين سنة ، وهي لا تعرفه وهو لا يعرفها ، فقد مرت سنوات ، فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة وهو تحت سدرة ، والناس بسيوفهم بين يديه وهو يوزع الغنائم ، فتستأذن فيقول لها الصحابة : من أنت ؟ فتقول : أنا أخت الرسول صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ، أنا الشيماء بنت الحارث ، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية .
فيخبرون الرسول صلى الله عليه وسلم فتترقرق الدموع في عينيه ، ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة ، وبُعد الوحشة والغربة ، ويُجلسها مكانه ويظللها من الشمس [19].
تصوروا رسول البشرية ، ومعلم الإنسانية ، ومزعزع كيان الوثنية ، يظلل هذه العجوز من الشمس وهي أخته من الرضاع ؟!! فأين الذين قطعوا أخواتهم وعماتهم وخالاتهم ، بل حتى الميراث الذي أحله الله لهن حرموه عليهن ؟!!
فيسأل الرسول صلى الله عليه وسلم أخته عن أحوالهم ثم يقول لها : اختاري الحياة عندي محببة مكرمة أو تريدين أهلك ؟ فتقول : أريد أهلي. فيعطيها المال ليعلم الناس صلة الأرحام