ثلث القرآن
عن أبى سعيد الخدرى ـ رضى الله عنه ـ أن رسول الله " صلى الله عليه وسلم " قال فى ( قل هو الله أحد ) : ( والذى نفسى بيده ، إنها لتعدل ثلث القرآن ) .
تبارك الله رب العالمين ، تبارك من هذا كلامه ، وتبارك الله واسع الفضل والجود ، فمن كرمه وجوده وفضله أن جعل لهذه الأمة المحمدية من الأعمال اليسيرة ما يعطى عليه الثواب الجزيل كى تتحقق لهذه الأمة الخيرية والمقدمة بين الأمم الذين طالت أعمارهم وكثرت أعمالهم .
وهذه حقيقة إيمانية تظهر واضحة فى القرآن ، فقد أكرم الله هذه الأمة بليلة فى شهر رمضان من كل عام هى خير من ألف شهر ، وأكرم الله هذه الأمة بيوم عرفة ويوم الجمعة ... وغيرها من الأيام .
وعلى نفس المنوال نجد إكرام الله تعالى لهذه الأمة بأن جعل الثواب العظيم على أعمال يسيرة ، مثل قراءة سور من القرآن الكريم ، من ذلك ما ورد فى شأن سورة الإخلاص : ( قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد ) .
وفى الموقف الذى بين أيدينا يلفت النبى " صلى الله عليه وسلم " نظر أصحابه إلى قدر هذه السورة وعظم منزلتها عند الله تعالى ، فقال " صلى الله عليه وسلم "
أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن فى ليلة واحدة ؟ فشق ذلك على الصحابة ، وقالوا ـ رضى الله عنهم ـ : أيُنا يطيق ذلك يا رسول الله ؟!
فكشف النبى " صلى الله عليه وسلم " عن عظيم كرم الله تعالى وأن فضل الله أوسع من أعمالنا ، فقال " صلى الله عليه وسلم " : ( قل هو الله أحد ) ثلث القرآن .
وهذا رجل آخر سمع رجلاً يقرأ ( قل هو الله أحد ) يرددها كثيرا ، فلما أصبح جاء إلى رسول الله " صلى الله عليه وسلم " فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالُها ، أى : يعُدُها قليلة ، فقال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " ( والذى نفسى بيده إنها لتعدل ثلث القرآن ) . ( رواه البخارى ) .
وهذا رجل آخر يأتى إلى رسول الله " صلى الله عليه وسلم " يقول: يا رسول الله ، إنى أحب هذه السورة ( قل هو الله أحد ) ، فقال " صلى الله عليه وسلم " إن حُبًها أدخلك الجنة ) . ( رواه الترمذى وقال : حديث حسن ) .
وذلك لما فى هذه السورة من صفات كريمة وتنزيه لله تعالى .
ف( أحد ) معناها : لا شريك له ولا ند له .
و( الصمد ) أى الذى يُصمَد إليه " يُتَوَجه إليه " فى قضاء الحوائج .
و( لم يلد ولم يولد ) أى لا يجرى عليه سبحانه ما يجرى على البشر من الحاجة إلى الولد .
ولم يكن له كفوا أحد ) أى ليس له شبيه ولا نظير
فتبارك الله رب العالمين
مواقف وعبر . للدكتور محمد داود .