السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو مسلم الخولاني الداراني
سيد التابعين وزاهد العصر اسمه على الأصح عبد الله بن ثوب قدم من اليمن وقد أسلم في أيام النبى التابعي الجليل مسلم الخولاني ولم يلقى النبى فدخل المدينة في خلافة الصديق طرحه الأسود العنسي المتنبي باليمن في النار فلم تضره فكان يشبه بالخليل عليه السلام.
عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: تنبأ الأسود بن قيس العنسي باليمن فأرسل
إلى أبي مسلم فقال له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فتشهد
أني رسول الله؟ قال: ما أسمع قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم.
قال: فتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع قال: فأمر بنار عظيمة فأججت وطرح
فيها أبو مسلم فلم تضره فقال له أهل مملكته: إن تركت هذا في بلادك أفسدها
عليك. فأمره بالرحيل فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستخلف أبو بكر. فقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي فبصر به عمر بن
الخطاب، فقال: من أين الرجل? قال: من اليمن - قال: فما فعل عدو الله
بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره؟ قال: ذاك عبد الله بن ثوب. قال: نشدتك
بالله عز وجل أنت هو؟ قال: اللهم نعم. قال: فقبل ما بين عينيه، ثم جاء به
حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في
أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن،
عليه السلام.
عن شرحبيل بن مسلم أن رجلين أتيا أبا مسلم الخولاني في منزله فقال بعض أهله:
هو في المسجد، فأتياه فوجداه يركع فانتظرا انصرافه وأحصيا ركوعه، فأحصى
أحدهما أنه ركع ثلثمائة والآخر أربعمائة قبل أن ينصرف فقالا له: يا أبا
مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، قال أما إني لو علمت مكانكما لانصرفت
إليكما، وما كان لكما أن تحفظا علي صلاتي، فأقسم لكما إن كثرة السجود خير
ليوم القيامة.
عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قالت امرأة أبي مسلم يعني الخولاني: يا أبا
مسلم ليس لنا دقيق. قال: عندك شيء؟ قالت: درهم بعنا به عزلا، قال: ابغينيه
وهاتي الجراب، فدخل السوق فوقف على رجل يبيع الطعام. فوقف عليه سائل فقال:
يا أبا مسلم تصدق علي، فهرب منه فأتى حانوتا آخر فتبعه السائل فقال: يا
أبا مسلم، فهرب منه فأتى حانوتا آخر فتبعه السائل فقال: تصدق علي، فلما
أضجره أعطاه الدرهم، ثم عمد إلى الجراب فملأه نجارة النجارين مع التراب ثم
أقبل إلى باب منزله فنقر الباب وقلبه مرعوب من أهله، فلما فتحت الباب رمى
بالجراب وذهب، فلما فتحته إذا هي بدقيق حواري، فعجنت وخبزت. فلما ذهب من
الليل الهوي جاء أبو مسلم لنقر الباب فلما دخل وضعت بين يديه خوانا
وأرغفة. فقال: من أين لكم هذا؟ قالت له يا أبا مسلم من الدقيق الذي جئت
به، فجعل يأكل ويبكي
عن عثمان بن عطاء، عن أبيه قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف من المسجد
إلى منزله كبر على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر
فتجيبه امرأته، فإذا بلغ إلى باب بيته كبر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة
فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد، فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد،
فلما كان في باب بيته كبر فلم يجبه أحد، وكان إذا دخل بيته أخذت امرأته
رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه قال: فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا
امرأته جالسة منكسة تنكت بعود معها. فقال لها مالك؟ فقالت: أنت لك منزلة
من معاوية وليس لنا خادم فلو سألته فأخدمنا وأعطاك، فقال: اللهم من أفسد
امرأتي فأعم بصره، قال: وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت: زوجك له منزلة من
معاوية فلو قلت له يسأل معاوية أن يخدمه ويعطيه عشتم، قال: فبينا تلك
المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت: ما لسراجكم طفئ؟ قالوا: لا.
فعرفت ذنبها، فأقبلت إلى أبي مسلم تبكي وتسأله أن يدعو الله عز وجل لها
يرد عليها بصرها. قال: فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز وجل لها فرد عليها
بصرها.
الحسن
قال: قال أبو مسلم الخولاني، وكان ذا أمثال: أرأيتم نفسا إذا أكرمتها
وودعتها ونعمتها ذمتني غدا عند الله وإن أنا أهنتها وأنصبتها وأعملتها
مدحتني عند الله غدا؟ قالوا: من تيك يا أبا مسلم؟ قال تيك والله نفسي
عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي مسلم الخولاني، أنه كان إذا وقف على خربة قال: يا
خربة أين أهلك؟ ذهبوا وبقيت أعمالهم، وانقطعت الشهوة، وبقيت الخطيئة، ابن
آدم ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة.
وقيل : كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع البيان ويقول : اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون
وروى أبو بكر بن أبي مريم : عن عطيه بن قيس ، قال : دخل أبو مسلم على معاوية ، فقام
بين السماطين ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقالوا : مه . . قال :
دعوه ، فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا أبا مسلم . ثم وعظه ، وحثه
على العدل
وروى محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا أرض
الروم ، فمروا بنهر فقال : أجيزوا بسم الله ، ويمر بين أيديهم ، فيمرون
بالنهر الغمر ، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الرُّكَب ، فإذا جازوا قال :
هل ذهب لكم شيء ؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له فألقى بعضهم مِخْلاته عمدا
فلما جاوزوا قال الرجل : مِخْلاتي وقعت ، قال : اتبعني فاتبعه ، فإذا بها
معلقة بعودٍ في النهر ، قال : خذها .
وقال شرحبيل بن مسلم : كان الولاة يَتَيَمَّنُون بأبي مسلم ، ويُؤَمِّرُونه على المقدمات .
قال سعيد بن عبد العزيز : مات أبو مسلم بأرض الروم ، وكان شتا مع بسر بن
أبي أرطاة ، فأدركه أجلُه ، فعاده بسر ، فقال له أبو مسلم: يا بسر ، اعقد
لي على من مات في هذه الغزاة؛ فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على
لوائهم .
قال أحمد بن حنبل : حُدِّثنا عن محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال : أقبلنا
من أرض الروم مررنا بالعمير على أربعة أميال من حمص في آخر الليل ، فاطلع
راهب من صومعة ، فقال : هل تعرفون أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا : نعم . قال :
إذا أتيتموه ، فأقرِئُوه السلام ؛ فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم
. أما إنكم لا تجدونه حيا . قال : فلما أشرفنا على الغُوطة ، بلغنا موته .
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر يعني سمعوا ذلك ، وكانت وفاته بأرض الروم .
وروى إسماعيل بن عيَّاش ، عن شُرَحْبيل بن مسلم ، عن سعيد بن هانئ قال ،
قال معاوية : إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني ، وكُرَيب
بن سيف الأنصاري
أبو مسلم الخولاني الداراني
سيد التابعين وزاهد العصر اسمه على الأصح عبد الله بن ثوب قدم من اليمن وقد أسلم في أيام النبى التابعي الجليل مسلم الخولاني ولم يلقى النبى فدخل المدينة في خلافة الصديق طرحه الأسود العنسي المتنبي باليمن في النار فلم تضره فكان يشبه بالخليل عليه السلام.
عن شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: تنبأ الأسود بن قيس العنسي باليمن فأرسل
إلى أبي مسلم فقال له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، قال: فتشهد
أني رسول الله؟ قال: ما أسمع قال: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم.
قال: فتشهد أني رسول الله؟ قال: ما أسمع قال: فأمر بنار عظيمة فأججت وطرح
فيها أبو مسلم فلم تضره فقال له أهل مملكته: إن تركت هذا في بلادك أفسدها
عليك. فأمره بالرحيل فقدم المدينة وقد قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم
واستخلف أبو بكر. فقام إلى سارية من سواري المسجد يصلي فبصر به عمر بن
الخطاب، فقال: من أين الرجل? قال: من اليمن - قال: فما فعل عدو الله
بصاحبنا الذي حرقه بالنار فلم تضره؟ قال: ذاك عبد الله بن ثوب. قال: نشدتك
بالله عز وجل أنت هو؟ قال: اللهم نعم. قال: فقبل ما بين عينيه، ثم جاء به
حتى أجلسه بينه وبين أبي بكر وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني في
أمة محمد صلى الله عليه وسلم من فعل به كما فعل بإبراهيم خليل الرحمن،
عليه السلام.
عن شرحبيل بن مسلم أن رجلين أتيا أبا مسلم الخولاني في منزله فقال بعض أهله:
هو في المسجد، فأتياه فوجداه يركع فانتظرا انصرافه وأحصيا ركوعه، فأحصى
أحدهما أنه ركع ثلثمائة والآخر أربعمائة قبل أن ينصرف فقالا له: يا أبا
مسلم كنا قاعدين خلفك ننتظرك، قال أما إني لو علمت مكانكما لانصرفت
إليكما، وما كان لكما أن تحفظا علي صلاتي، فأقسم لكما إن كثرة السجود خير
ليوم القيامة.
عن عثمان بن عطاء عن أبيه قال: قالت امرأة أبي مسلم يعني الخولاني: يا أبا
مسلم ليس لنا دقيق. قال: عندك شيء؟ قالت: درهم بعنا به عزلا، قال: ابغينيه
وهاتي الجراب، فدخل السوق فوقف على رجل يبيع الطعام. فوقف عليه سائل فقال:
يا أبا مسلم تصدق علي، فهرب منه فأتى حانوتا آخر فتبعه السائل فقال: يا
أبا مسلم، فهرب منه فأتى حانوتا آخر فتبعه السائل فقال: تصدق علي، فلما
أضجره أعطاه الدرهم، ثم عمد إلى الجراب فملأه نجارة النجارين مع التراب ثم
أقبل إلى باب منزله فنقر الباب وقلبه مرعوب من أهله، فلما فتحت الباب رمى
بالجراب وذهب، فلما فتحته إذا هي بدقيق حواري، فعجنت وخبزت. فلما ذهب من
الليل الهوي جاء أبو مسلم لنقر الباب فلما دخل وضعت بين يديه خوانا
وأرغفة. فقال: من أين لكم هذا؟ قالت له يا أبا مسلم من الدقيق الذي جئت
به، فجعل يأكل ويبكي
عن عثمان بن عطاء، عن أبيه قال: كان أبو مسلم الخولاني إذا انصرف من المسجد
إلى منزله كبر على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر
فتجيبه امرأته، فإذا بلغ إلى باب بيته كبر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة
فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد، فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد،
فلما كان في باب بيته كبر فلم يجبه أحد، وكان إذا دخل بيته أخذت امرأته
رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه قال: فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا
امرأته جالسة منكسة تنكت بعود معها. فقال لها مالك؟ فقالت: أنت لك منزلة
من معاوية وليس لنا خادم فلو سألته فأخدمنا وأعطاك، فقال: اللهم من أفسد
امرأتي فأعم بصره، قال: وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت: زوجك له منزلة من
معاوية فلو قلت له يسأل معاوية أن يخدمه ويعطيه عشتم، قال: فبينا تلك
المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت: ما لسراجكم طفئ؟ قالوا: لا.
فعرفت ذنبها، فأقبلت إلى أبي مسلم تبكي وتسأله أن يدعو الله عز وجل لها
يرد عليها بصرها. قال: فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز وجل لها فرد عليها
بصرها.
الحسن
قال: قال أبو مسلم الخولاني، وكان ذا أمثال: أرأيتم نفسا إذا أكرمتها
وودعتها ونعمتها ذمتني غدا عند الله وإن أنا أهنتها وأنصبتها وأعملتها
مدحتني عند الله غدا؟ قالوا: من تيك يا أبا مسلم؟ قال تيك والله نفسي
عن شرحبيل بن مسلم، عن أبي مسلم الخولاني، أنه كان إذا وقف على خربة قال: يا
خربة أين أهلك؟ ذهبوا وبقيت أعمالهم، وانقطعت الشهوة، وبقيت الخطيئة، ابن
آدم ترك الخطيئة أهون من طلب التوبة.
وقيل : كان يرفع صوته بالتكبير حتى مع البيان ويقول : اذكر الله حتى يرى الجاهل أنه مجنون
وروى أبو بكر بن أبي مريم : عن عطيه بن قيس ، قال : دخل أبو مسلم على معاوية ، فقام
بين السماطين ، فقال : السلام عليك أيها الأجير ، فقالوا : مه . . قال :
دعوه ، فهو أعرف بما يقول ، وعليك السلام يا أبا مسلم . ثم وعظه ، وحثه
على العدل
وروى محمد بن زياد الألهاني ، عن أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا أرض
الروم ، فمروا بنهر فقال : أجيزوا بسم الله ، ويمر بين أيديهم ، فيمرون
بالنهر الغمر ، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الرُّكَب ، فإذا جازوا قال :
هل ذهب لكم شيء ؟ فمن ذهب له شيء فأنا ضامن له فألقى بعضهم مِخْلاته عمدا
فلما جاوزوا قال الرجل : مِخْلاتي وقعت ، قال : اتبعني فاتبعه ، فإذا بها
معلقة بعودٍ في النهر ، قال : خذها .
وقال شرحبيل بن مسلم : كان الولاة يَتَيَمَّنُون بأبي مسلم ، ويُؤَمِّرُونه على المقدمات .
قال سعيد بن عبد العزيز : مات أبو مسلم بأرض الروم ، وكان شتا مع بسر بن
أبي أرطاة ، فأدركه أجلُه ، فعاده بسر ، فقال له أبو مسلم: يا بسر ، اعقد
لي على من مات في هذه الغزاة؛ فإني أرجو أن آتي بهم يوم القيامة على
لوائهم .
قال أحمد بن حنبل : حُدِّثنا عن محمد بن شعيب عن بعض المشيخة قال : أقبلنا
من أرض الروم مررنا بالعمير على أربعة أميال من حمص في آخر الليل ، فاطلع
راهب من صومعة ، فقال : هل تعرفون أبا مسلم الخولاني ؟ قلنا : نعم . قال :
إذا أتيتموه ، فأقرِئُوه السلام ؛ فإنا نجده في الكتب رفيق عيسى ابن مريم
. أما إنكم لا تجدونه حيا . قال : فلما أشرفنا على الغُوطة ، بلغنا موته .
قال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر يعني سمعوا ذلك ، وكانت وفاته بأرض الروم .
وروى إسماعيل بن عيَّاش ، عن شُرَحْبيل بن مسلم ، عن سعيد بن هانئ قال ،
قال معاوية : إنما المصيبة كل المصيبة بموت أبي مسلم الخولاني ، وكُرَيب
بن سيف الأنصاري