الفتوى الصحيحة طريقنا
الامس 18:23
حكم قول الشاعر:
«إذا الشَّعبُ يومًا أرادَ الحَياة .. فلا بُدَّ أنْ يَستَجيبَ القَدر»
×الشيخ: محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله-
السؤال:
يقول الشاعر أبو القاسم الشابي:
«إذا الشَّعبُ يومًا أرادَ الحَياة .. فلا بُدَّ أنْ يَستَجيبَ القَدر»
الجواب:
هذا هو الكُفر بعينه! وهو يدلُّ على أنَّ النَّاس ابتعدوا عن العلم، فلم يعرفوا ما يجوزُ وما لا يجوزُ لله وحده، وما لا يجوزُ لغيرِهِ، وهذا مِن الغفلة، وهي من الأسباب التي جعلت هذا الشَّاعر يقولُ ذلك، وأنْ تَتبنَّى ذلك بعض الإذاعات العربية نشيدًا قوميًّا عربيًّا!
وهذا الشَّعر يقول: «إذا الشَّعبُ يومًا أرادَ الحَياة .. فلا بُدَّ أنْ يَستَجيبَ القَدر»
يعني: أنَّ القدر تحت مشيئة الشعب! وهذا عكس قول ربِّ العالمين:
﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾. [التكوير: 29].
اللهم اهدنا فيمن هديت، ولا تُزغ قلوبَنا بعد إذ هديتنا، وهب لنا من لدنك
رحمة، إنَّك أنتَ الوهَّاب.
المصدر: مجلة الأصالة ( العدد: 17، صفحة: 71)
حكم قول الشاعر : ( إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلا بد أن يستجيب القدر )
وجب التنبيه للخطأ العقدي فيها:
رقـم الفتوى : 108598
عنوان الفتوى :
بطلان الاعتقاد بحتمية استجابة القدر لإرادة الشعب
تاريخ الفتوى : الجمعة 21 جمادي الأولى 1429 / 27-5-2008
السؤال
هل في البيت الشعري الآتي محظور شرعي كما سمعت من بعض الإخوة وما هو هذا المحظور الشرعي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
الفتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المحظورات في هذا البيت هو قول الشاعر بما يفيد حتمية استجابة القدر لإرادة الشعب، وهذا غلط لأن الله لا يجب عليه شيء، وإرادة العباد ومشيئتهم تابعة لإرادته تعالى، فما شاء كان و ما لم يشأ لم يكن، ولا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع.
ولمزيد من الفائدة يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 52019، 105093.
والله أعلم.
المفتـــي: مركز الفتوى
سُئل شيخنا الشيخ صالح بن فوزان الفوزان السؤال التالي ما حكم قول الشاعر :
إذا المرء يوما أراد الحياة ..... فلا بد أن يستجيب القدر ؟
فأجاب الشيخ حفظه الله : هذا كلام فاضي .. لا بد أن يستجيب القدر؟! .. يعني المرء هو الذي يفرض على القدر أنّه يستجيب؟! .. بالعكس القدر هو الذي يفرض على الإنسان .. هذا كلام شاعر الله أعلم باعتقاده .. أو أنّه جاهل(ن) مايعرف .. على كل حال هذا كلام شاعر .. والله عز وجل يقول : ( وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ 0 أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ ) [الشعراء :224 225] .. ويقول أهل البلاغه عن الشعر " أعذبه أكذبه " .. فهذا كلام باطل بلا شك .. إذا المرء يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر .. هذا مبالغة .. هذا يُنسب للشافي أو الشامي شاعر جزائري من الشعراء المعاصرين .. بعض الناس وبعض الصحفيين يكتبون كتابات سيئة يقول " ياظُلم القدر " .. " ظلمهُم القدر " .. " يالسخرية القدر " .. هذا كلام باطل يؤدي إلى الكفر والعياذ بالله .. القدر يسخر ؟! .. القدر يظلم ؟! .. " اه
الشيخ صالح بن فوزان الفوزان
عضوا اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية
حكم قول : لاتأسفن على غدر الزمان
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
قيل :
1- لا تاسفن على غدر الزمان لطالما .. رقصت على جثث الأسود كلاب
2- لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها .. فالأسد أسد والكلابُ كلابُ
3- تبقى الأسود مخيفة في أسرها .. حتى وإن نبحت عليها كلابُ
انتشرت هذه الأبيات في الساحة وفي الانترنت انتشار النار في الهشيم :{ وللأسف فالكثير منا يردد هذه البيات دون تفكر ونظر فيما تحتوي !!
والبيت الأول فيها يصف الزمان بالغدر!! والزمان هو الدهر
وقد جاء في كتاب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب التميمي - قدس الله روحه - " التوحيد " : ( باب من سب الدهر ، فقد آذى الله .
وقول الله تعالى : وقالُوا ما هي إلا حياتُنا الدُنْيا نمُوتُ ونحْيا وما يُهْلكُنا إلا الدهْرُ وما لهُمْ بذلك منْ علْمٍ إنْ هُمْ إلا يظُنُون .
في الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ) .
وفي رواية : لا تسبوا الدهر ، فإن الله هو الدهر ) .
قال حفيده فضيلة الشيخ الوزير صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله ورعاه - شارحا هذا الباب : ( الدهر : هو الزمان اليوم والليلة ، أسابيع الأشهر ، السنون ، العقود ، هذا هو الدهر ، وهذه الأزمنة مفعولة ، مفعول بها لا فاعلة ، فهي لا تفعل شيئا ، وإنما هي مسخرة يسخرها الله - جل جلاله - وكل يعلم أن السنين لا تأتي بشيء ، وإنما الذي يفعل هو الله - جل وعلا - في هذه الأزمنة ؛ ولهذا صار سب هذه السنين سبا لمن تصرف فيها ، وهو الله - جل جلاله - لهذا عقد هذا الباب بما يبين أن سب الدهر ينافي كمال التوحيد ، وأن سب الدهر يعود على الله - جل وعلا - بالإيذاء ؛ لأنه سب لمن تصرف في هذا الدهر .
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة ، وهو أن سب الدهر من الألفاظ التي لا تجوز ، والتخلص منها واجب ، واستعمالها مناف لكمال التوحيد ، وهذا يحصل من الجهلة كثيرا ، فإنهم إذا حصل لهم في زمان شيء لا يسرهم ، سبوا ذلك الزمان ، ولعنوا ذلك اليوم ، أو لعنوا تلك السنة ، أو لعنوا ذلك الشهر ، ونحو ذلك من الألفاظ الوبيلة ، أو شتموا الزمان ، وهذا لا شك لا يتوجه إلى الزمن ؛ لأن الزمن شيء لا يفعل ، وإنما يفعل فيه ، وهو أذية لله - جل وعلا - .
باب : " من سب الدهر " السب يكون بأشياء ، والسب في أصله التنقص ، أو الشتم ، فيكون بتنقص الدهر ، أو يكون بلعنه ، أو بشتمه ، أو بنسبة النقائص إليه ، أو بنسبة الشر إليه ، ونحو ذلك ، وهذا كله من أنواع سبه ، والله - جل وعلا - هو الذي يقلب الليل والنهار .
قال : ( فقد آذى الله ) ولفظ ( آذى الله ) لأجل الحديث ، حديث أبى هريرة قال : ( يؤذيني ابن آدم ؛ يسب الدهر ، وأنا الدهر ، أقلب الليل والنهار ) . ففيه رعاية للفظ الحديث ، سب الدهر - كما ذكرنا - محرم ، وهو درجات ، وأعلاه لعن الدهر ؛ لأن توجه اللعن إلى الدهر أعظم أنواع المسبة ، وأعظم أنواع الإيذاء ، وليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة ، ولا وصف اليوم بالسواد ، ولا وصف الأشهر بالنحس ، ونحو ذلك ؛ لأن هذا مقيد ، وهذا جاء في القرآن في نحو قوله - جل وعلا - : في أيامٍ نحساتٍ لنُذيقهُمْ عذاب الْخزْي .
" في أيام نحسات " وصف الله - جل وعلا - الأيام بأنها نحسات .
فالمقصود في أيام نحسات عليهم ، فوصف الأيام بالنحس ؛ لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم ، ونحو ذلك قوله - جل وعلا - في سورة القمر : في يوْم نحْسٍ مُسْتمرٍ .
يوم نحس ، أو يقول : يوم أسود ، أو سنة سوداء ، هذا ليس من سب الدهر ؛ لأن المقصود بهذا الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم ، وأما سبه أن ينسب الفعل إليه ، فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوءه ، فهذا هو الذي يكون أذية لله - جل وعلا - .
قال : وقول الله تعالى : وقالُوا ما هي إلا حياتُنا الدُنْيا نمُوتُ ونحْيا وما يُهْلكُنا إلا الدهْرُ : هذه الآية ظاهرة في أن نسبة الأشياء إلى الدهر هذه من خصال المشركين أعداء التوحيد ، فنفهم منه أن خصلة الموحدين أن ينسبوا الأشياء إلى الله - جل وعلا - ولا ينسبوا الإهلاك إلى الدهر ، بل الله - جل وعلا - هو الذي يحيي ، ويميت .
قال في الصحيح ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله تعالى : يؤذيني ابن آدم ؛ يسب الدهر ، وأنا الدهر ) .
قوله هنا : ( وأنا الدهر ) لا يعني : أن الدهر من أسماء الله - جل وعلا - ولكنه رتبه على ما قبله ، فقال : ( يسب الدهر ، وأنا الدهر ) ؛ لأن حقيقة الأمر أن الدهر لا يملك شيئا ، ولا يفعل شيئا ، فسب الدهر سب لله ؛ لأن الدهر يفعل الله - جل وعلا - فيه ، الزمان ظرف للأفعال ، وليس مستقلا ؛ فلهذا لا يفعل ، ولا يحرم ، ولا يعطي ، ولا يكرم ، ولا يهلك ، وإنما الذي يفعل هذه الأشياء مالك الملك ، المتفرد بالملكوت وتدبير الأمر الذي يجير ، ولا يجار عليه .
إذا فقوله : ( وأنا الدهر ) هذا فيه نفي نسبة الأشياء إلى الدهر ، وأن هذه الأشياء تنسب إلى الله - جل وعلا - فيرجع مسبة الدهر إلى مسبة الله - جل وعلا - ؛ لأن الدهر لا ملك له ، والله هو الفاعل قال : ( أقلب الليل والنهار ) ، والليل والنهار هما الدهر ، فالله - جل وعلا - هو الذي يقلبهما ، فليس لهما من الأمر شيء . نعم )
.
وسئل الإمام الفقيه محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - عن حكم سب الدهر ، فأجاب قائلا
( سب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن يقصد الخبر المحض دون اللوم : فهذا جائز مثل أن يقول " تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده " وما أشبه ذلك لأن الأعمال بالنيات واللفظ صالح لمجرد الخبر .
القسم الثاني : أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل كأن يقصد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير أو الشر : فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا حيث نسب الحوادث إلى غير الله .
القسم الثالث : أن يسب الدهر ويعتقد أن الفاعل هو الله ولكن يسبه لأجل هذه الأمور المكروهة : فهذا محرم لأنه مناف للصبر الواجب وليس بكفر ؛ لأنه ما سب الله مباشرة ، ولو سب الله مباشرة لكان كافرا ) . " فتاوى العقيدة " : (1/197) .