ينظر إليهاالنبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تنزف الدماء ويقلب كفيه ويقول:
من يطيق ما تطيقينه يا أم عمارة فتنظر إليه وتقول: أطيق وأطيق وأطيق ولكن أسألك شيئاً واحداً:
أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله فيرد عليها النبيّ قائلاً: لست وحدك, أنت وأهل بيتك كلكم رفقائي في الجنة.
إنهاأم عمارة نسيبة بنت كعب... الصحابيةالشجاعة ... فقدوصفهاالإمام أبونُعيم الاصبهاني في
"حليةالأولياء" فقال: "أم عمارةالمبايعة بالعقبة،كانت ذات جد واجتهاد، وصوم ونسك واعتماد
". ووردفي "سيرأعلام النبلاء": أم عمارةنسيبة بنت كعب بن عمروبن عوف بن مبذول
الفاضلةالأنصاريةالخزرجيةالنجاريةالمازنيةالمدنية.
بيعة العقبة
أم عمارة الفاضلة ، شهدت ليلة العقبة وشهدت أحدًا والحديبية ويوم حنين، ويوم اليمامة
وتحدثنا أم عمارة عن صفة بيعتها فتقول: كانت الرجال تصفق على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليلة العقبة، والعباس – عمّ النبي- آخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بقيتُ
أنا وأم منيع أسماء بنت عمرو بن عدي السلمية نادى زوجي غزية بن عمرو:
يا رسول الله هاتان امرأتان حضرتا معنا يبايعناك فقال: "قد بايعتهما على ما بايعتكم عليه، إني لا أصافح النساء".
يوم أحد
هى أشجع الشجعان في غزوة أحد،ظلت تقف إلى جوار النبيّ هي وابنها ويجيء عبد الله بن قمئة
قاتل مصعب، يريد أن يقتل النبيّ صلى الله عليه وسلم. فاعترضت أم عمارة طريقه حاملةً سيفاً وجدته
في أرض المعركة،وكانت مهمتها في الأساس سقاية الجرحى، وكان عبد الله يريد الوصول إلى النبيّ ليطعنه
في ظهره بينما كان يقاتل رجلاً آخر من المشركين، فظلت تحاربه إلى أن ضربهافأسقط السيف من يدها، تقول أم عمارة:
فهممت أن أفرّ فإذا النبيّ وحده، فثبتّ في مكاني، فظلّ عبد الله بن قمئة يضربها بالسيف على كتفها حتى غارت
عظام الكتف والمرأة لا تتحرك، ثم سقطت في مكانها، وأثناء سقوطها رأت ابنها حبيب بن زيد آتياً لإنقاذها، فصاحت به:
دعني دونك رسول الله. أدرك رسول الله... فينظر إليها النبيّ صلى الله عليه وسلم وهي تنزف الدماء ويقلب كفيه ويقول:
من يطيق ما تطيقينه يا أم عمارة فتنظر إليه وتقول: أطيق وأطيق وأطيق ولكن أسألك شيئاً واحداً:
أسألك مرافقتك في الجنة يا رسول الله فيرد عليها النبيّ قائلاً: لست وحدك, أنت وأهل بيتك كلكم رفقائي في الجنة.
أم الشهيدين
وهذه الصحابية احتلت مكانًا عليًا في مقام الصبر، فقد قُتل ابنها حبيب فاحتسبته صابرة عند الله سبحانه وتعالى
فقد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في قومه بني حنيفة في اليمامة
،فكان يسأله مسيلمة أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال حبيب: نعم، وإذا سأله: تشهد أني رسول الله؟ قال:
أنا لا أسمع، ففعل ذلك مرارًا، فقطّعه مسيلمة عضوًا عضوًا، ومات شهيدًا رضي الله عنه.
وأما ابنها الآخر عبد الله بن زيد، الذي حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقد شهد أحدًا وقُتل يوم الحرّة، وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب بسيفه
بطلة اليمامة
استأذنت أم عمارة رضي الله عنها من أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخروج مع من خرج لقتال مسيلمة الكذاب،
فأذن لها بعد أن أوصى خالد بن الوليد رضي الله عنه بها، وكان عمرها ءانذاك قد زاد عن الستين
ولكن لم تضعف عزيمتها، وقد جُرحت حينئذ أحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها، ولكنها لم تكترث لما أصابها
وعندما قتل ابنها عبدُ الله مسيلمةَ الكذاب... سجدت لله شكرًا أن خلّصهم من مسيلمة وكفره وكذبه، وعلى انتهاء هذه الفتنة العظيمة.
ظلت أم عمارة رضي الله عنها تحظى بالمكانة اللائقة في حياة الخلفاء الراشدين
فكان أبو بكر رضي الله عنه يأتيها ويسأل عنها، وكذلك سيدنا عمر رضي الله عنه عرف مكانتها.
وفاتها
وتشير الدلائل إلى أن وفاة أم عمارة رضي الله عنها كانت في مطلع خلافة عمر بن الخطاب
رضي الله عنه في السنة الثالثة عشرة للهجرة، بعد أن عاشت حياةً معطاءة حافلة بالتضحيات.