لَمْ يَدُرْ فِي خَلَدِهَا فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ أَنَّها سَتَبْقَى رَهينَةً فِي بيْتِ أَبِيهَا رَدْحاً مِنَ الزَّمَانِ..وَهِيَ الّتِي عُرِفَتْ بِأَنَاقَتِهَا وَجَمَالِهَا ((الجَمَالِ الْكَاذِبِ)) ومَسَاحيقِهَا وَتَبَرُّجِهَا السَّافِرِ وَتَسَكُّعِهَا الرَّهيبِ فِي الشَّوارِعِ الْمَلِيئَةِ بِالْفُسَّاقِ ..
نَظَرُاتُ الإعْجَابِ تَرْمُقُهَا مِنْ كُلِّ حَدَبٍ وَصَوْبٍ مِمّا زَادَهَا يَقِيناً أّنَّهَا باسْتِطَاعَتِها أنْ تتَزَوَّجَ فِي أيِّ وَقْتٍ شَاءَتْ وَشَاءَ لَهَا الْهَوَى وبِرَجُلٍ مِنْ عِلْيَةِ الْقَوْمِ وَمِنْ أغْنِيَاء الْبَلَدِ...
وَلَكِنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ مَرَّتِ الأيّامُ تِلْوَ الأَياّم وَالشُّهُورُ تَتْرَى وَالسُّنُونُ تَمُرُّ مَرَّ السّحَابِ ....
رَبّاهُ رُحْمَاكَ قَدْ نَيَّفَتْ عَلَى الثَّلاَثِين من عُمُرِهَا وَخَانَهَا تَفْكِيرُهَا الصِّبْيَانِي السّادِجُِ...
تسَاءَلتْ فِي صَمتْ والْعَبَراتُ تُسْكَبُ بِدُون هَوادةٍ :
أَيَنَ نَظَراتُ الإعْجَاب ..
أيْنَ كَلِمَاتُ الْغَزَلِ الّتِي كُنْتُ أسْمَعُها مِن أفْواهِ الرِّجَالِ بلْ منْ أفْواهِ الذِِّئابِ ..
أيْنَ غُرُورِي واعْتَدَادِي بِنَفْسِي..
لَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ شَيْءٍ أَدْرَاجَ الرّيَاحِ ..
لَقَدْ صدّق عليَّ إبْلِيسُ ظَنّهُ فاتّبعْتهُ ..
لَقَدْ فَوّتَ عَليَّ المَلْعُونُ فُرْصَةَ الْعُمر وأبْعَدَنِي عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ والصّلاَحِ ..
وَرَمَانِي ((رَمَاهُ اللهُ بثَالثةِ الأثَافِي )) فِي صَحْرَاء قَاحِلَةٍ أَتِيهُ وأضِيعُ بِبُطْئٍ..
وَهَاأنَذَا قَدْ شِرِبْتُ منْ كَأسِ الْيَأْسِ والتَّعَاسَةِ والعُنُوسَةِ حَتّى ثَمِلتُ...
يَا أالله لُطْفَكَ أنَا لاَ أريدُ شَيْئاً الآن إلاّ أَنْ تَمُنَّ عَلَيَّ بِرَجُلٍ ..
برَجُلٍ ..
إي والله بأي رَجُل ..
وَأَنَا تَائِبَةٌ إِلَيْكَ منْ قُبْحِي وَغُرُورِي ..
واسْتِهْزَائِي مِن الأَخَواتِ المنتقِبَات اللاَّتِي سَمَحْنَ لأزْوَاجِهِنَّ بِالتَّعَدُّدِ ..
تَعَدُّد الزَّوْجاتِ ..
فَقَدْ أَدْرَكْتُ حِكْمَتَكَ الآنَ وعَلِمْتُ أنّ التّعَدُّدَ مِنْ أكْبَرِ نِعَمِكَ عَلَيْنَا يَارَب ..
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي فَقَدْ كُنْتُ جَاهِلَةً ..
لَقَدْ أَصْبَحَتُ أَمَامَ الأَمْرِ الْوَاقِعِ ..
نَعَمْ أَصْبَحْتُ عانِساً ..
نَعم عَانِس هَذِهِ الْكَلِمَة الّتِي أَطَارَتِ النَّوْمَ عنْ عينَي كلِّ بَنَاتِ حَوَّاء ..
الكُلُّ أصْبَحَ يَنْظُرُ إليَّ بازدرَاءٍ وَاحْتِقَارٍ فِي هَذَا الْمُجْتَمَعِ الْفَاسِدِ أَهْلُهُ ..
لاَ لاَ أَنَا السّبَبُ وَهَذِهِ عُقُوبَةٌ مِنَ اللهِ عَاجِلَةٌ ..
((وَمنْ أعْرَضَ عنْ ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكا )) ..
بَيْنَما هيَ كَذَلِكَ تُخَاطِبُ نَفْسَهَا وَتُؤنّبُ ضَمِيرَهَا وتُعَنّفُ وَتُشَدّدُ في اللاّئِمَةِ عَلَى رُوحِهَا نَادِمَة بِصِدقٍ عَلَى ما فَرّطَت فِي جَنْبِ اللهِ ((والنّدَمُ تَوْبَةٌ ))...دَخَلَ عَلَيْهَا أخُوهَا مُبْتَسِماً وَقَالَ لَهَا لَقَدْ جَاءَ فَارِسُ أحْلاَمِك ..
فقالتْ : ماَذَا قُلْتَ أكِيدْ أَنَا حَالِمَةٌ أوْ نَائِمَةٌ فَارِسُ أحلامي أناَ لاَ لاَ يُمْكِنْ !! ..
فَقَالَ أنتِ فِي الْيَقَظَةِ ..إِنّهُ فَارسُ أحلامك وَفَارِسُ أحْلاَمِ أُخْرَى دُونَكِ .!!
مَاذَا تَقْصِدْ :
إِنّهُ مُتَزَوّجٌ بِأخْرَى وأرَادَ لِيُعَدّدَ بِكِ ..
فَهْلْ أنتِ مُوافِقةٌ أم أنّكِ لاَزِلتِ مُلِحّةً على رفضِ التّعَدّدِ ..
فَقَالتْ : وَلِمَاذَا لاَ أُوَافِقُ ؟؟؟
أنا رَاضيةٌ أنْ أَكُونَ زَوْجَةً ثَانِيَةً و ثالثةً و رابعةً ...
أَنَا مُوافقَةٌ نعَم أَنا الّتِي كُنْتُ أُحَارِبُ التَّعَدُّدَ أَقْبَلُهُ الآنَ .......