بسم الله الرحمن الرحيم
بينما كنت أسير في إحدى الطرقات استوقفني صوت لشخصين , لا أعلم هل كانا يتشاجران أم يتحاوران أم ماذا ؟؟
توقفت وبدأت أستمع لمشاجرتهم أو لمناقشتهم .
- الأول : دعني اذهب فقد مللت من صحبتك ومللت من هذه الحياة .
- الثاني : تذهب وتتركني لوحدي ؟؟
- الأول : نعم , فأنا أرى أن سعادتك في مفارقتي لك وبعدي عنك فانا مثل
الكابوس الجاثم على صدرك ومثل الحارس الشخصي الذي اختلف عن كل الحراس فهو
يملي عليك شروطه بدلاً من أن يكون العكس .
- الثاني : صحيح أني أتضايق لوجودك معي أحياناً وأتمنى أن أقتلك بكلتا يدي , ولكني لم أتخيل أن
أعيش بدونك ، فكم هي المرات التي كدت أن أنزلق في مزالق الشيطان وصرخت في وجهي ومنعتني
وكم من مرة أردت أن أعمل ما ينكره الدين والعقل فصفعتني صفعه أحس بها كلما أهمّ بمعصية .
نعم لم أكن أستمع لكلماتك دائماً وصحيح أني تجاوزت الخطوط الحمراء
مراراً وعملت أعمال قبيحة ولكن هل ستتركني هكذا و ما هو مصيري بعد أن تغادر
؟ من المؤكد أني سأسبح في وحل الحماقات
و التفاهات فضلاً عن أمور أخرى .
- تكلم لماذا لا ترد علي ؟
- الأول : أحس بضعف شديد يجعلني أفكر في الهرب والبعد عن المشكلة فأنت
من سلبت قدرتي وجعلتني عاجز وقويت أعدائي علي , هل تعرف من أعدائي ؟؟
إنهم شياطين الإنس والجن إنهم أعداء الدين إنهم أعداء الفضيلة إنهم
أعداء القيم والعادات الحميدة أنت من اتبع كلامهم وجعلتني متبعاً لهم .
- الثاني : عد إلي و ابقى معي وأعدك بأن أكون تحت سلطتك وقانونك .
- الأول : سأعود و أرجو من الله العلي القدير أن يوفقني فيما ارمي إليه ..
- فجأة خيّم الهدوء , بدأت ألتفت يمنة ويسرة فإذا بشخص غريب ذو ابتسامة عريضة
قلت له : ماذا دهاك يا أخي ؟
قال : كنت أحاول استعادة أعز و أغلى ما أملك .
قلت له : من ؟
قال : هذا الذي كنت أتبادل معه أطراف الحديث ،
ألم تستمع لما دار بيننا ؟
قلت له : من ؟؟
قال : إنه ضميري الغائب ، نعم فقد كنت إنسان بلا ضمير ..
هـدى :
يقول جل وعلا : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا
اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )) .
نور من السنة :
في الحديثِ الصحيح في تفسيرِ الإحسان ، لما سُئِلَ عنهُ رسولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : (( أنْ تعبدَ الله كأنك تراه ، فإن لم
تكن تراهُ فإنه يراك )) .
إشراقة :
عندما لا نستمع لمحكمة الضمير نقع في أمور مفجعه ونتصرف كالحمقاء ونحكم بقانون الغاب .
وقفة :
قال أنس رضي الله عنه : سمعتُ عمرَ بن الخطابِ رضي الله عنه ، وقد
دخلَ حائطاً ، وبيني وبينه جدار ، يقول : عمرُ بن الخطاب أميرُ المؤمنين !!
بخٍ بخ ، واللهِ لتتقينَ الله يا ابن الخطاب أو ليُعذبنَّك ! .
يقولُ ابنُ كثيرٍ – رحمه الله – في تفسيرِ قولِه تعالى : { وَلْتَنظُرْ
نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } : (( أي حاسبوا أنفسَكم قبل أن تحاسبوا
وانظروا ماذا ادخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم
وعرضِـكم على ربِكم ، واعلموا أنه عالمٌ بجميعِ أعمالِكم وأحوالِكم ، لا
تخفى عليهِ منكم خافيه )) .