من رحلة الاسراء والمعراج
تحتفل
الأمة الإسلامية هذه الأيام بذكرى الإسراء والمعراج, هذه الذكرى التي ستظل
المصدر الذي يتشرب منه المسلمون الدروس والعبر ,وستظل الجرس الذي يذكرهم
دائماً بدورهم تجاه انفسهم وتجاه دينهم وتجاه الناس جميعاً ,هذه الذكرى
التى وقفت امامها العقول حائرة, معجزة جعلت اعداء الإسلام واقفين امامها
بين مشكك ومصدق ليأتى قول الله ويحسم هذه القضية فيقول سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله" وقوله تعالي "ما زاغ البصر وما طغي
.
وبهذه المناسبة نقوم بعرض مختصر لهذه
الرحلة الربانية للوقوف على أهم الدروس والعبر التي يجدر بالمسلمين التسلح
بها في معركة إعادة بناء الأمة الجديدة
اشتداد المحن
قبل ان نقوم بسرد هذه الرحلة
الربانية سوف نقوم بسرد حادثة تمت قبل هذه الرحلة الربانية ليعلم الذين
كفروا ان الله ليس بتارك عبده وليزداد صبراً الذين امنوا وليعلموا دائما ان
بعد العسر يأتى اليسر فقبل هذه الرحلة بفترة ليست بكبيرة اشتدت المصائب
على رسولنا الكريم بداية من وفاة احب زوجاته اليه السيدة خديجة رضى الله
عنها وقد تبعها فى نفس العام وفاة خير معين له فى وجه الكفار عمه ابى طالب
وقد كان حزنه على عمه حزن مضاعف وذلك لاصراره على كفره وموته عليه
وتأتى لقريش الفرصة بعد وفاة ابى
طالب عم الرسول ليشتد اذائهم للرسول الكريم فقد تحينت لهم الفرصة بعد وفاة
خير ناصر له الأمر الذى ادى بالرسول الكريم الى تغير مكان دعوته وتركه احب
البلاد إلي نفسه فتهيأ للخروج إلى الطائف لعله يجد فيها السلام والخير الأ
إنه قد وجد ما لم يأمله فعندما بدأ فى الدعوة الى الله مع سادات الطائف وجد
ردا قاسيا بل كان يحرضون سفاءهم واطفالهم بأن يسبونه ويرمونه بالحجرة
الأمر الذى ادى إسالت دمائه الشريفة فقد جرح فى قدميه من جراء رميهم
بالحجارة ويستمر ايذاء اهل الطائف للرسول الكريم حتى رسول الله قد اخذ فى
الدعاء بقوله " اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ،
وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين ، وأنت ربى ،
إلى من تكلني ، إلى بعيد يتجهمني ؟ أو إلى عدو ملكته أمري ، إن لم يكن بك
غضب علي فلا أبالي ، غير أن عافيتك هي أوسع لي ، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت
له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ، أن يحل علي غضبك ، أو أن
ينزل بي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك" .
فبعد ما وجده الرسول الكريم فى اهل
الطائف, عقد العزم إلي الرجوع إلي احب البلاد اليه, ليكمل تبليغ رسالته
للوفود والقبائل والأفراد ,فما وجد الحال فيها يختلف عما وجده بالطائف فقد
كان رجالها يتبعونه فى الأسواق ويرمونه بهتانا واثماً ويصفونه بالكذب
ويحذرون الجميع من إتباعه
يسر بعد عسر
وبعد ما واجهه الرسول الكريم من إهانة وإيذاء من أهل مكة والطائف اراد الله
ان ييسر على عبده ونبيه وأكرمه بهذه الرحلة الربانية لتكون بشرى للرسول
الكريم والمؤمنين من حوله كأنما يقول له الله عزوجل "اذا كانت هذه معاملة
اهل الأرض من مهانة وذل فتعالى إلى السماء لترى كيف يرحب بك اهلها وكيف
يستقبلونك بحفاوة وفرح
[size=21]رحلة الإسراء
[size=16]كانت هذه الرحلة في
السنةِ الخامِسَةِ قبلَ الهجرةِ .. عندما جاءَهُ جبريلُ ليلاً َ وهو نائمٌ
ففتَحَ سَقْفَ بيتِهِ ولم يهبِطْ عليهِم لا ترابٌ ولا حجرٌ ولا شىءٌ وكان
النبيُّ حينَها في بيتِ بنتِ عمّه أمّ هانىءٍ بنتِ أبي طالبٍ أختِ عليِّ
بنِ أبي طالبٍ في حيّ اسمه أجياد بمكة ، كان هو وعَمّه حمزةُ وجعفرُ بنُ
أبي طالب نائمين والرسولُ كانَ نائماً بينهما فأيقظَهُ جبريلُ ثم أركبَهُ
على البُراقِ خلفَهُ وانطلقَ بهِ.
والبُراقٌ دابةٌ من دوابِّ الجنّةِ
وهو أبيضٌ طويلٌ يضَعُ حافِرَهُ حيثُ يَصِلُ نظرُهُ ولما يأتي على ارتفاعٍ
تطولُ رجلاهُ ولما يأتي على انخفاضٍ تقصُرُ رجلاه
واستعداد
لهذه الرحلة المباركة اتجه جبريل بنبينا صلوات ربى عليه الى الكعبة فقام
بشق صدره من غير ان يشعر الرسول بأى الم يذكر ليملأه ايماناً وحكمة إعداداً
لهذه الرحلة المباركة ثم صار حتى وصلا ارض المدينة ِ فقالَ له جبريلُ "
انزِل " فنزل فقالَ له "صلِّ ركعتينِ" فَصَلّى ركعتين، ثم انطلَقَ فوصَلَ
بهِ الى بَلَدٍ اسمُها مَدْيَن وهي بلدُ نبيِ اللهِ شُعَيب فقال له انزِل
فَصَلِّ ركعتينِ ففعَلَ ثم مثل ذلِكَ فَعَلَ في بيتِ لحمٍ حيث وُلِدَ عيسَى
ابنُ مريمَ عليهِ السلام
[size=16]ثم أتى بيتَ المقدِسِ فربَطَ البُراقَ بالحَلَقَةِ التي يَرْبِطُ بها الأنبياءُ ثم دخلَ المسجدَ الأقصى فصلَّى فيهِ ركعتين.
وصلّى بالأنبياء إماماً، جمَعَهم
له هُناك كلّهم تشريفاً له، ليجعله الله الميثاق الذي يأخذه على رسله
ليؤمنوا بمحمد وينصرونه ويؤيدوه, وتكون إمامته "ص" لجميع الرسل إعلانا
لعالمية الإسلام وبيانا لوجوب الإيمان به حيث آمن واقتدى به جميع الرسل.
أن هذه البقعة المباركة التي اجتمع
بها الرسل جميعا,لها مكانة عظيمة في قلب كل مسلم , هي مسرى الرسول صلى
الله عليه وسلم، ونهاية رحلة الإسراء وبداية
المعراج.
وبذلك تكون هذه الرحلة الربانية
تذكير دائم للأمة العربية والإسلامية إلى التعاون والالتحام معا يدا واحدة
لإنقاذ المسجد الأقصى وحماية الأرض المقدسة ورد الحق لأصحابه، خاصة وأنها
أرض الإسراء التي تتعرض الآن لأخطر الانتهاكات والعدوان.
ثم يخرج عليه جبريلُ عليه السلام
بإناءٍ من خمرِ الجنةِ لا يُسكِرُ وإناءٍ من لبَنٍ فاختَارَ النبيُ اللبنَ
فقال لهُ جبريل "اخترتَ الفِطرةَ " أي تمسَّكْتَ بالدين.
أسرى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى بيت المقدس, راكباً على البراق, صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام, فنزل هناك, وصلى بالأنبياء إماماً, وربط البراق بحلقة باب المسجد. ثم عرج
به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا , فاستفتح له جبريل , ففتح له , فرأى هنالك آدم أبا البشر , فسلم عليه , فرحب به , ورد عليه السلام , وأقر بنبوته , وأراه الله أرواح الشهداء عن يمينه , وأرواح
الأشقياء عن يساره .
ثم عرج به إلى السماء الثانية , فاستفتح له , فرأى فيها يحيى بن زكريا وعيسى بن مريم , فلقيهما وسلم عليهما , فردا عليه , ورحبا به , وأقرا بنبوته . ثم عرج به إلى السماء الثالثة , فرأى فيها يوسف , فسلم عليه ,
فرد عليه ورحب به , وأقر بنبوته . ثم عرج به إلى السماء الرابعة , فرأى فيها إدريس , فسلم عليه , ورحب به , وأقر بنبوته . ثم عرج به إلى السماء الخامسة , فرأى فيها هارون بن عمران , فسلم عليه , ورحب به
, وأقر بنبوته .
ثم عرج به إلى السماء السادسة , فلقى فيها موسى بن عمران , فسلم عليه ورحب به , وأقر بنبوته . فلما جاوزه بكى موسى , فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : أبكى لأن غلاماً بعث من بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر مما
يدخلها من أمتى . ثم عرج به إلى السماء السابعة , فلقى فيها إبراهيم عليه السلام , فسلم عليه ورحب به , وأقر بنبوته .
ثم رفع إلى صدرة المنتهى , ثم رفع له البيت المعمور . ثم عرج به إلى الجبار جل جلاله , فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى , فأوحى إلى عبده ما أوحى , وفرض عليه خمسين صلاة , فرجع حتى مر على
موسى , فقال له : بم أمرك ؟ قال بخمسين صلاة , قال : إن أمتك لا تطيق ذلك , ارجع إلى ربك فسأله التخفيف لأمتك , فالتفت إلى جبريل , كأنه يستشيره فى ذلك , فأشار : أن نعم , إن شئت , فعلا به جبريل حتى
أتى به الجبار تبارك وتعالى , وهو فى مكانه هذا لفظ البخارى فى بعض الطرق فوضع عنه عشرا
,
ثم أنزل حتى مر بموسى فأخبره , فقال : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف , فلم يزل يتردد بين موسى وبين الله عز وجل , حتى جعلهما خمسا , فأمره موسى بالرجوع وسؤال التخفيف , فقال : قد استحيت من ربى
, سولكنى أرضى وأسلم , فلما بعد ناد مناد : قد أمضيت فريضتى , وخففت عن عبادى . وقد رأى ضمن هذه الرحلة أموراً عديدة : عرض عليه اللبن والخمر , فاختار اللبن , فقيل هديت الفطرة أو أصبت الفطرة , أما
إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك . ورأى أربعة أنهار فى الجنة : نهران ظاهران , ونهران باطنان , والظاهران هما النيل والفرات , ومعنى ذلك أن رسالته ستتوطن الأودية الخصبة فى النيل والفرات , وسيكون أهلها
حملة الإسلام جيلاً بعد جيل , وليس معناه أن مياه النهرين تنبع من الجنة .
ورأى مالك خازن النار , وهو لا يضحك , وليس على وجهه بشر وبشاشة , وكذلك رأى الجنة والنار . ورأى أكلة أموال اليتامى ظلماً لهم مشافر كمشافر الإبل , يقذفون فى أفواههم قطعاً من نار كالأفهار , فتخرج
من أدبارهم . ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة , لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن مكانهم ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم . ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب إلى جنبه لحم غث منتن
يأكلون من الغث المنتن , ويتركون الطيب السمين . ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم , رآهن معلقات بثديهن . ورأى عيراً من أهل مكة فى الذهاب والإياب , وقد دلهم على بعير ندّ لهم ,
وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون
,
ثم ترك الإناء مغطى , وقد صار ذلك دليلاً على صدق دعواه فى صباح ليلة الإسراء . فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى قومه أخبرهم بما أراه الله عز وجل من آياته الكبرى , فاشتد تكذيبهم له
وأذاهم واستضرارهم عليه , وسألوه أن يصف لهم بيت المقدس , فجلاه الله له , حتى عاينه , فطفق يخبرهم عن آياته , ولا يستطيعون أن يردوا عليه شيئاً , وأخبرهم عن غيرهم فى مسراه ورجوعه , وأخبرهم عن
وقت قدومها , وأخبرهم عن البعير الذى يقدمها وكان الأمر كما قال , فلم يزدهم ذلك إلا نفورا , وأبى الظالمون إلا كفورا . يقال سمى أبو بكر رضى الله عنه صديقاً , لتصديقه هذه الوقعة حين كذبها الناس
دروس وعبر
يجب على الأمة الإسلامية وهى تحتفل بهذه الذكرى الغالية على قلوبنا ان تقف
عليها وتستلهم منها اهم ما خرجت به هذه الرحلة الربانية من دروس وعبر لتكون
لنا خير عون على استعادة مجدانا وإعادة بناء لأمتنا ومن هذه الدروس
1-على المؤمنين ان يتيقنوا ان
دائما بعد العسر يأتى اليسر الأ أنه يجب على الأنسان ان يصبر ويحتسب ويسعى
دائما للخير فكما عوض الله رسوله الكريم بعد اشتداد المصائب عليه ونصره سوف
يكون هذا حالنا ان شاء الله فى حالة اذا ما قمنا بالدافع عن دين الله وجعل
كلمة الله هى العليا
2- على المسلمين ان يتذكروا دائما
الآية الكريمة "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"ويقتدوا بها حتى تكون لهم
عون لإظهار الصورة الصحيحة لدينهم كما فعل الرسول" ص" مع اهل الطائف
فرسولنا الكريم فهو لم يدعو عليهم بل دعا لهم بأن يشرح صدرهم للإسلام وليكن
هذا دائما شعارنا وسلوكنا حتى تتحدث افعالنا عن إسلامنا وتكون اداة جيدة
للحديث عنا الإسلام وسماحته
3- ان يتذكر المسلمين حال اليهود
الذين ضلوا السبيل بمخالفة امر الله وقاموا بخيانة أمانته وذلك بإهمال
شريعته ,واتباع شهواتهم فرفع الله عنهم عنايته ,ووكلهم إلي انفسهم الطاغية
,فداستهم الأمم ,وقهرتهم الدول ,وشردوهم فى الأرض لا وطن لهم مدى الحياة
,فعلينا نحن المسلمين ,ان نتمسك بشريعة الله ,وان نكون آهل للأمانة التى
وكلنا بها ,حتى لا نضل مثلهم ,وحتى لاتجرى علينا سنت الله كما جرت عليهم
حينما ضيعوا الأمانة
4- يجعل المسلمين قضية استرداد"
المسجد الأقصى" قضيتهم الدائمة التى يجب ان يعملوا دائما لاستردادها الم
تكن هذه البقعة المباركة مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونهاية رحلة
الإسراء وبداية المعراج, اليست هذه ارض الأسراء التى تتعرض للظلم
والإنتهاكات.
5-الإسلام دين عالمى سيظل إلى يوم
الدين ويتجلى ذلك عندما قام رسولنا الكريم بإمامة الرسل جميعا للصلاة مما
يزيدنا قوة وإصرار على الدفاع عنه إلى يوم القيامة .
6-دعوة عامة للمسلمين فى انحاء
البلاد للتلاحم والتعاون للوقوف فى وجه الطغاة الذين يريدون اطفاء نور الله
من وراء اقنعة مختلفة الا ان هدفهم واحد وهو حرب الإسلام والمسلمين
والقضاء على هذه الأمة الصامدة إلى يوم الدين .
7-ان يعتبر المسلمين
من المشاهد التى رائها الرسول اثناء رحلته المباركة ويأخذون منها الدروس
بالابتعاد عن ما نهنا الرسول عنه ويأخذون بأومره .وكل عام والأمة الإسلامية
بخير
وأخيراً أحبتى فى الله لا تنسوا المسجد الأقصى من الدعاء أن يطهره الله من دنس اليهود الملاعين رزقنا الله وإياكم صلاة فيه
اللهم آمين