أعلن المحامي الفرنسي ايف لوبورنيه أمس، ان موكله الرئيس التونسي
المخلوع زين العابدين بن علي «قرر الخروج استثنائياً عن صمته» للتنديد
بمحاكمته في تونس وعمليات التفتيش في مكاتبه، «بعدما سئم من لعب دور كبش
الفداء على أساس الكذب والظلم». واعتبر أن «عمليات التفتيش في مكاتبه
الرسمية والخاصة ما هي إلا مسرحية تهدف إلى الانتقاص من سمعته... والمحاكمة
التي تقوم بها تونس ضده ما هي إلا مهزلة لمجرد القطيعة الرمزية مع
الماضي». وزعم أن الأخير - أي بن علي ونقلاً عنه - «لا يملك عقارات أو
موجودات في مصارف في فرنسا ولا في أي بلد أجنبي آخر».
وكانت وزارة العدل التونسية أعلنت الأسبوع الماضي، أن الرئيس المخلوع
وزوجته ليلى طرابلسي سيحاكمان غيابياً «في الأيام أو الأسابيع المقبلة» في
قضيتين أوليين. وستدور المحاكمة الأولى حول العثور على أسلحة ونحو
كيلوغرامين من المخدرات (الحشيشة على الأرجح) في المكتب الخاص للرئيس
المخلوع في قصر قرطاج.
أما الشكوى الثانية، فتتناول المبلغ الذي عثرت عليه اللجنة التونسية
لمكافحة الفساد في قصر بن علي في سيدي بوسعيد في ضاحية شمال العاصمة
التونسية في شباط (فبراير) الماضي، وقدره 27 مليون دولار نقداً.
من جهة أخرى، قال رئيس «حركة النهضة» الإسلامية راشد الغنوشي أمس، إن
لديه شكوكاً حقيقية بوجود محاولات لتأخير انتخابات المجلس التأسيسي أو
إلغائها، واستبدالها بمسارات سياسية أخرى.
وكان من المقرر أن تجرى اول انتخابات في تونس في 24 تموز (يوليو)
المقبل، لكن اللجنة المستقلة للانتخابات قالت إن ذلك مستحيل «لأسباب
تقنية»، وقررت إرجاءها إلى 16 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. وأثار هذا
الإرجاء أزمة سياسية في البلاد، التي تعاني أوضاعاً أمنية هشة منذ إطاحة بن
علي في 14 كانون الثاني (يناير) الماضي.
وفي مؤتمر صحافي عقده لمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيس «حركة النهضة»،
قال الغنوشي، الذي عاش نحو 20 عاماً في المنفى: «نحن تراودنا شكوك حقيقية
بأن من أقدم على زلزلة تاريخ الانتخابات الأول يمكن أن يتراجع أيضاً عن
الموعد الثاني». وأضاف: «أصبحنا الآن نسمع حديثاً عن فكرة التخلي عن
انتخابات المجلس التأسيسي... نحن لا نستبعد أن يتم التحضير لمسارات أخرى
ويحتمل أن يتم غلق المجال أمام انتخابات المجلس التأسيسي».
وتعالت بعض الأصوات أخيراً للمطالبة بإجراء استفتاء شعبي على أي
انتخابات مقررة، إضافة إلى دعوة آخرين إلى العدول عن إجراء انتخابات المجلس
التأسيسي واستبدالها بانتخابات برلمانية ورئاسية. لكن الغنوشي حذَّر من أن
الإرجاء أو إلغاء هذه الانتخابات «سيجرّ البلاد إلى دوامة من العنف».
وأضاف أنه على ثقة من أن «شباب وحراس الثورة في تونس سيتصدون لكل المؤامرات
التي قد تحاك».
واتهم أطرافاً سياسية وصفها بأنها تخشى صناديق الاقتراع، بالسعي وراء
هذه «المؤامرة»، لكنه لم يسم أي حزب أو أي مسؤول سياسي. وعبَّر الغنوشي
الذي اجبره الرئيس المخلوع على البقاء في منفاه في لندن منذ أوائل
التسعينات من القرن الماضي، عن استعداد الحركة لعقد تحالفات مع أطراف
سياسية أخرى.
ويرى خبراء أن «حركة النهضة» تفتقر إلى برنامج اقتصادي واضح في حال
فوزها بالحكم، وهو ما نفاه رئيسها، الذي قال إنه سيعرض خلال أيام برنامجاً
متكاملاً للاقتصاد. وأشار الغنوشي إلى أن «الإسلام يتفق مع الحداثة
والديموقراطية التعددية»، لافتاً إلى أن حركته أقرب شبهاً لـ «حزب العدالة
والتنمية» الحاكم في تركيا من جماعة «الإخوان المسلمين» التي تتبنى نهجاً
أكثر تشدداً في مصر.
لكن عودة الغنوشي من المنفى هذا العام بعد الثورة، أزعجت بعض التونسيين
الذين يريدون الفصل بين الدين والدولة. وشدد الغنوشي أمس على أن «حركة
النهضة» تؤمن بالحريات الفردية وحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل. وقال وسط
تصفيق عشرات من أنصاره، نساءً ورجالاً، حضروا المؤتمر الصحافي: «نؤكد أن
مكاسب المرأة ثابتة، بل سنطورها في اتجاه تعزيزها».