الكذب اسبابة وعلاجة
.
.
.ومن الخطأ الظن بأن الطفل الصغير لا يفرق بين الكذب والصدق ،فالطفل في مقدوره تماماً أن يفرق بين ماهو صادق و ماهو كاذب خصوصاً فيما يتعلق بالأمور والرغبات الخاصة به .
والطفل الذي يعيش في وسط لا يساعد على تكوين اتجاه الصدق والتدرب عليه ؛ يسهل عليه الكذب خصوصاً إذا كان يتمتع بالقدرة الكلامية ولباقة اللسان ،وكان أيضاً خصب الخيال ، فكلا الاستعدادين مع تقليده لمن حوله ممن لايقولون الصدق ويلجأون إلى الطرق الملتوية وانتحال المعاذير الواهية ، يدربانه منذ طفولته على الكذب .
وعلى هذا الأساس فإن الكذب صفة أو سلوك مكتسب تتعلمه كما تتعلم الصدق وليس صفة فطرية أو سلوكاً موروثاً .
والكذب عادة غرض ظاهري لدوافع وقوى نفسية تجيش في نفس الفرد سواء كان طفلاً أو بالغاً ، وقد يظهر الكذب بجانب الأعراض الأخرى كالسرقة ،أو شدة الحساسية والعصبية ،أو الخوف على غير ذلك من الأعراض .
.
أسباب الكذب :
للكذب عند التلاميذ أسباب مختلفة تختلف باختلاف أنواع الكذب ومن هذه الأنواع مايأتي :
1- الكذب الخيالي
..
كل التلاميذ يمرون بفترة في صغرهم لا يفرقون فيها بين الحقيقة والخيال وهو أقرب مايكون إلى اللعب بل إنه نوع منه ووسيلة للتسلية كما أنه أحياناً يكون تعبيراً عن أحلام الطفل ..أحلام اليقظة التي تظهر في آمال ورغبات الطفل ،تلك الآمال والرغبات التي لا يمكن أن يفصح عنها بأسلوب واقعي .
2- الكذب الإلتباسي
..
هذا النوع من الكذب لا يدل على انحراف سلوكي ، وسببه أن الطفل يلتبس عليه الأمر لتداخل الخيال مع الواقع بحيث لا يفرق بينهما مثل أن يسمع التلميذ قصة خرافية أو قصة واقعية تمتلك عليه مشاعره ، وبعد أيام يتقمص أحداث القصة في نفسه أو في غيره .
3- الكذب الإدعائي
..
يلجأ بعض التلاميذ الذين يعانون من الشعور بالنقص إلى تغطية هذا الشعور بالمبالغة فيما يملكون أو في صفاتهم ، أو صفات ذويهم بهدف الشعور بالمركز في وسط أقرانهم ، أو استجابة لمؤثرات يتعرضون لها في البيئة أو بهدف النزوع للسيطرة عليهم ، كما قد يلجأ بعض التلاميذ إلى الكذب الإدعائي فيتهمون الغير بتعذيبهم أو ضربهم أو اضطهادهم ،كأن يدعي تلميذ عند والديه أن المدرس أو المدرسة دائمة الاضطهاد له وهو بذلك يحاول أن يستدر العطف ويجد لنفسه سبباً ليبرر عدم نجاحه في دروسه.
4- الكذب بغرض الإستحواذ
..
كثيراً مانجد التلميذ الذي يعامل بقسوة من والديه ، ومن ثم يفقد الثقة فيهم ، وأيضاً الذي يتصف والداه بالمبالغة في رقابته ، نجده دائماً ن في سبيل تحقيق رغباته ، يلجأ إلى الكذب للإستحواذ على الأشياء كالنقود ، أو الحلوى أو اللعب ، فإذا سألته هل معه نقود أجاب بالنفي في حين أن معه ما يكفيه ويزيد كل ذلك بهدف الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من الأشياء ، وذلك لفقدانه الثقة في ذويه.
5- الكذب للإنتقام والكراهية
..
قد يكذب التلميذ لإسقاط اللوم على شخص ما يكرهه أو يغار منه ،وهو من أكثر أنواع الكذب خطراً على الصحة النفسية على كيان المجتمع ومثله ومبادئه ،ذلك لأن الكذب الناتج عن كراهية وحقد فهو كذب مع سبق الإضرار ،
ويحتاج من التلميذ إلى تفكير وتدبير مسبق بقصد إلحاق الضرر والأذى بمن يكره ، ويكون هذا السلوك عادة مصحوباً بالتوتر النفسي والألم ، ويكون الكذب في مثل هذه الحالات تنفيساً عن الكراهية المكبوتة في نفس التلميذ ضد من يكرهه ، ويحدث الكذب الانتقامي بشكل واضح في مجتمعنا بين الفتيات.
6- كذب الخوف من العقاب
..
كثيراً ما يتصف التلاميذ في المدرسة أو الأسرة التي يسود فيها نوع من النظام الصارم والعقوبة الشديدة ، بالكذب خوفاً من العقاب ، في مثل هذه الظروف نجد التلميذ يتفنن في الكذب وينتقل من كذبة إلى أخرى مستخدماً ذكاءه ، ولا يضيره لكي يفلت من العقاب أن يلصق تهمة ببريء ، وقد يدمن على هذا النوع من الكذب التلميذ القلق نفسياً لدرجة مرضية .
7- الكذب لمقاومة السلطة
..
كثيرأ مايكذب التلاميذ الذين يعانون من ظلم وقسوة وسلطة من المدرسة أو من الأسرة وذلك لمجرد اللذة والسرور الناتجين عن مقاومة السلطة .
8- الكذب الزمن
..
هو حالة مرضية قد يجد فيها التلميذ نفسه مدفوعاً إلى الكذب لا شعورياً فيكذب في أغلب المواقف ويعرف عنه أنه كاذب دائماً ، ويكون التلميذ عادةً غير ناجح في حياته المدرسية ويعاني شعوراً شديداً بالنقص ، وشعور بعدم القبول سواء من الأسرة أو من أقرانه لاتصافه بالكذب ، ومن شدة الشعور بالنقص مع العجز في النجاح قد يلجأ إلى السرقة ـ في أغلب الأحيان ـ ليحقق رغبته الشديدة في النجاح أو في تحقيق أهدافه كتلميذ .
. .
علاج الكذب :
..
كي نعالج الكذب يجب دراسة كل حالة على حدة وتقصي الباعث الحقيقي الدافع إلى الكذب ، وهل هو كذب بقصد حماية النفس خوفاً من عقاب ، أو بقصد حماية صديق والتستر عليه ، أو بقصد الظهور بمظهر لائق وتغطية شعور بالنقص .
ومن المهم أن:
1- نتعرف على حقيقة الأمر وعما إذا كان الكذب عارضاً أم أنه عادة عند التلميذ وهل هو بقصد الإنتقام والتشفي أو أنه بدافع لاشعوري مرضي .
2- لا جدوى من علاج الكذب بالعقاب والتهديد والتشهير بل لها أثر ضار على شخصية التلميذ .
3- نشبع في التلميذ الحاجات النفسية الضرورية وهي الشعور بأنه محبوب والشعور بالثقة في النفس ، ذلك لأن توفير جو المحبة والشعور بالأمن للتلميذ يساعده على الصدق .
4- يدرك كل من في البيئة خصوصاً المعلمين والآباء أن التلميذ يتقمص سلوك من حوله ومن ثم يجب أن يكونوا قدوة لتلاميذهم .
5- نتيح للتلميذ فرصاً للمغامرة المعقولة والاستمتاع بحياة مشوقة ،فالحماية الزائدة للتلميذ ومنعه من التفاعل الاجتماعي تضر بشخصيته وتدفعه للكذب
6- يشعر التلميذ بأنه يعيش في بيئة مرنة متسامحة وأن نعوده على الحب والتسامح وأن نبعده عن الإتجاهات السلوكية التي تدفعه إلى الكراهية والإنتقام ولا يتأتى ذلك أبداً عن طريق النصائح والمواعظ ، إنما يكون عن طريق القدوة الحسنة وعلاج دوافع سلوكه السلبي وأسبابه في البيئة .
7- نتجنب الظروف التي تشجع التلميذ على الكذب وتضطره للدفاع عن نفسه ويجب إذا اعترف التلميذ بكذبته ألا نعاقبه لأن عدم عقابه يشجعه على قول الصدق ويشعره بلأمن والطمأنينة نحونا .
8- نكون أوفياء إذا قطعنا عهداً مع التلميذ لأنه يصاب بصدمة قوية إذا خالفنا الوعد ومن ثم يتحلى بالإلتزام بالصدق في أقواله .
9- نقلل على قدر الإمكان من النصح والوعظ كأسلوب علاجي ،ذلك لأن العلاج يجب أن يعتمد على دراسة الأسباب والكشف عنها وعلاجها .