بسم الله الرحمن الرحيم
الكثير مناَّ صار يخطب . .
والكثير منا صار بالدورس والكلمات يعظ . .
والكثير صار حتى يحترف بل ويتقن حسن الكلام وتنميقه!!
ولكن شتان شتان . . بين تلك الكلمات التي تجد طريقها سهلة إلى القلوب فتصيبها بسهام صدقها في مقتل!!
وبين تلك التنميقات والبلاغات اللغوية التي تجد في طريقها ألف باب وباب مغلق، ولا تجد للقلوب أي مدخل!!
إنهما كلمتان . .
خرجتا من نفس المخرج (اللسان) . .
وتكونتا من نفس الأحرف (العربية) . .
غير أن إحداها خرجت من قلب سقيم . . فمرت على لسان قائلها قائلة له : (اتق
الله) فإنك لم تعمل بي . . فطُرحت على الأرض أمام الناس هزيلة ميتة . . حيث
لم تقو حتى على مجرد اختراق
مسامع قلوبهم!!
أما الأخرى . . فقد ادخرها صاحبها في غرفة خاصة تقع في أعماق قلبه (غرفة الإخلاص) . .
وأقسم عليها ألا تخرج إلا وهي شعلة من ضياء تنبض بالحياة . .
قد استمدت روحها من صدق اعتقاد صاحبها فيها . .
ليس ذلك فحسب . .
بل بإشهاد الله على عمله بها، وتطبيقه لها على نفسه قبلما مجرد دعوة الناس إليها!!
استصرخها بكاؤه خالياً في وقت السحر . .
فصرخت بعميق أناته . . أن أخرجني (يرحمك الله) حتى ترى بالقلوب ماذا أصنع . .
وترى أثر تلك الأنات بين خبايا السحر . . سهاماً تصيب القلوب في مقتل!!
إنها كلمات حيت بحياة قلوب أصحابها . .
ونبضت بصلاح نياتهم وصدق إخلاصهم . .
وتلألأت بمجاهدتهم لمجرد نوازغ الرياء إذا هبت رياحه على قلوبهم . .
فلن تكون كلمات العبد صادقه . . إلا إذا عرف أن مصدر صدقها هو (تقوى الله)!!
ولن تكون كلماته مؤثرة . . إلا إذا كان صداها في قلبه (بهجة المتقين في جنان ربهم، وصراخ الكافرين بين لظى نيرانهم)!!
لن تكون صادقاً حتى تكون صادقاً مع الله!!
لن تكون صادقاً حتى تتقى الله في خلوتك قبل مشاهدتك!!
لن تكون صادقاً حتى تجعل بين عينيك (جنة ونار) الله !!
لن تكون صادقاً حتى تكون العصمة من قتنة القلوب هي أكثر ما تسألها الله!!
لن تكون صادقاً حتى تزداد شفقتك على نفسك يوماً بعد يوم، خوفاً من عدم قبول عملك وطاعتك عند الله!!
لن تكون صادقاً حتى تعبد الله كانك تراه!!
لن تكون صادقاً حتى تعبد الله كانك تراه!!
أبو مهند القمري
موقع صيد الفوائد